أَبِيكُمْ) أي ليس من أمّكم بل من أم ثانية ، فأنا أحب أن تجيئوا به معكم إذا جئتم تمتارون وإنني سأكرمكم وأكرمه أيضا (أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ) أعطيه كاملا زائدا ولا أنقصه (وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ) أي خير مستقبل للضيوف ومعتن براحتهم وضيافتهم ، يعني خير المضيفين.
٦٠ ـ (فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ) ... أي إذا لم تحضروه لي معكم (فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي) فلا أعطيكم طعاما للسنة التالية ولا تدخلوا مملكتي (وَلا تَقْرَبُونِ) ولا تقربوا دياري. وفي هذا تأكيد عليهم لإحضار أخيه ، ويمكن أن يكون نفيا عطف على الجزاء : فلا كيل ، أي فلا كيل لكم عندي ولا قرب ولا منزلة لكم لديّ.
٦١ ـ (قالُوا سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ وَإِنَّا لَفاعِلُونَ) : أي أنهم أجابوا بأنهم سيحاولون ذلك مع أبيهم ويحاورونه بشأنه ، وأكّدوا له ذلك بقولهم : وإنّا لفاعلون.
٦٢ ـ (وَقالَ لِفِتْيانِهِ اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ فِي رِحالِهِمْ) : ... فتياته أي : غلمانه المتصدّين للكيل وتسليم الحبوب ، والبضاعة هنا هي ثمن طعامهم وقد جاؤا به وقيل إنه كان نعالا وقيل أدما وقيل مقلا كما أشرنا إليه آنفا ، والرحال : جمع رحل وهو ما يحمله الإنسان في سفره وتر حاله. وهذا يعني أنه قال لغلمانه : ضعوا بضاعة إخوتي التي جاؤوا بها داخل أسباب سفرهم لتبقى لهم إمّا تفضلا عليهم ورحمة بهم ولئلا يأخذ الثمن منهم وهم في ضيق وعسر ، وإمّا خوفا من أن لا يكون عند أبيه ما يرجعون به ، وإما أنه استقبح أن يأخذ الثمن من آل يعقوب المؤمنين وخزائن مصر تحت يده يفعل بها ما يشاء وأهله في شدة يعانون القحط المهلك وهذا هو أحسن الوجوه والمختار عندي فلا بد أن ينكشف عند أبيه وإخوته أن صاحب الطعام كان من أهلهم وكان ينبغي أن لا يأخذ منهم ثمنا ويعاملهم معاملة الأجانب ، ومع ذلك كان يعتبرهم ضيوفا نزلوا عليه بعد انقطاع أربعين سنة فيما بينهم فلا يليق بالكريم أن يعامل إخوته الواردين عليه في سنة قحط