فأقبلوا على يوسف ليعتذروا ..
٧٧ ـ (قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ) ... الذين قالوا ذلك هم إخوة يوسف ، يعنون بقولهم هذا يوسف (ع) وقصة السرقة التي أشرنا إليها في الآية السادسة والثلاثين ، ويقصدون أن بنيامين إذا كان قد سرق ، فقد سرق أخ له (مِنْ قَبْلُ) وهو ما ذكرناه. (فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ) أي سمع مقالتهم واحتفظ بتأثيرها في نفسه ولم يظهر لهم شيئا و (قالَ) في نفسه : (أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً) أي أسوأ منزلة فيما فعلتم بأخيكم في سرقتكم له من أبيه ، وفي صنيعكم الشنيع به (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ) أي أنه تعالى أعلم منكم بأن يوسف لم يسرق وكذا أخوه ، وليس الأمر كما فنّدتم.
٧٨ ـ (قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً) ... إنهم رقّوا في قولهم فخاطبوا الملك باستعطاف وقالوا : إن أبا بنيامين شيخ طاعن في السن ، وهو يتأذى لأخذه (فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ) أي خذ من شئت منّا عوضا عنه وأشفق على أبيه وارحمه على سنّه وجلال قدره فهو ثاكل قد فقد أخا له من قبل وهو يستأنس به عنه ، و (إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) إن فعلت وأخذت البديل عنه من بيننا.
٧٩ ـ (قالَ مَعاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا) ... أجاب يوسف (ع) : التجئ إلى الله سبحانه أن يعصمني من أخذ البريء مكان المذنب ، ولن نأخذ إلّا الذي وجدنا الصاع عنده ، وإن فعلنا غير ذلك (إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) حتى في شرعكم وحكمكم نكون ظالمين للبريء. وقد قال (ع) : إلّا من وجدنا متاعنا عنده ، ولم يقل : إلّا من سرق ، لأن أخاه لم يكن سارقا بالفعل.
* * *