كونه رحمة للمؤمنين في الدارين فمعلوم ، وأما كونه رحمة للكافرين فلأمنهم من الخسف والمسخ والعذاب والاستئصال ، ولتنعّمهم في الحياة ببركة وجوده ووجود الحجة القائم عنه في كل عصر ، فإنه لولا وجود النبيّ أو الإمام لساخت الأرض بأهلها. بل إن النبيّ صلىاللهعليهوآله رحمة لأهل السماء أيضا ، ففي المجمع أن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال لجبرائيل عليهالسلام لمّا نزلت هذه الآية الكريمة : هل أصابك من هذه الرحمة شيء؟ قال : نعم ، إني كنت أخشى عاقبة الأمر ، فأمنت بك لمّا أثنى الله عليّ بقوله : (ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ).
١٠٨ و ١٠٩ ـ (قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَ) ... مرّ تفسير هذه الآية في آخر سورة الكهف. فقل يا محمد للناس : هل أنتم مصدّقون ومسلّمون بهذا الذي يوحى إليّ؟ (فَإِنْ تَوَلَّوْا) إذا انصرفوا وأعرضوا عن التوحيد أو الوصية (فَقُلْ) لهم (آذَنْتُكُمْ) أعلمتكم ما أمرت به (عَلى سَواءٍ) مستوين في ذلك ولم أخصّ بإعلامي أحدا دون أحد ، أو على استقامة وعدل في الرأي ، والمعنى الأول أقرب للصحة (وَإِنْ أَدْرِي) أي وما أدري ولا أعلم (أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ) هل زمن حصول ما وعدتكم به قريب أم بعيد فإنه بعلم الله تعالى ، من نصر المسلمين إلى حشرهم ، لكنه أمر كائن لا محالة.
١١٠ و ١١١ ـ (إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ :) أي أن الله تبارك وتعالى يعرف ما تجهرون به وتعلنونه من تصديق رسوله أو تكذيبه ، ويعرف كذلك ما تكتمونه في نفوسكم وتخبّئونه عن الآخرين من الأحقاد عليه وعلى المسلمين (وَإِنْ أَدْرِي) ولا أعلم (لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ) يحتمل أنه اختبار لكم وامتحان (وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) وتأخير لما توعدون به وإبهام لوقته في فترة تتمتّعون بها وتخلعونها عند الموت كما يخلع المتاع البالي.
١١٢ ـ (قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِ) ... قل يا محمد ربّ احكم بما هو عدل من الانتقام من الظّلمة ، والله تعالى وجلّ عن الحكم إلّا بما هو حق (وَ)