بالسوء عصمنا الله من شرّها ، فما على العبد إلّا أن يفوّض أمره إلى ربه جلّ وعلا في كل الأحوال.
٣٥ ـ (ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ) ... أي : رأوا أخيرا بعد الشواهد الدالة على براءته ، وهي الآيات المعجزات التي ظهرت لتبرئته ، فعن الإمام الباقر عليهالسلام : الآيات : شهادة الصبيّ ، والقميص المخرّق من دبر ، واستباقهما الباب حتى سمع مجاذبتها إياه على الباب. فلمّا عصاها لم تزل مولعة بزوجها حتى حبسه. بعد كل هذا رأوا وقرّروا (لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ) أي لا بد من حبسه إلى أمد معدود وظرف مناسب بحيث ينسى حديث المرأة معه وينقطع الخوض فيه والتعليق عليه ، وبحيث يبدو لأعين الناس أنه هو المأخوذ بالذنب .. وفي رواية أنه (ع) شكا أمره إلى الله وهو في السجن وقال : بم استحققت السجن؟ فأوحى الله إليه : أنت اخترته حين قلت : السجن أحبّ إليّ ممّا يدعونني إليه. هلّا قلت : العافية أحبّ إليّ ممّا يدعونني إليه. وعن الإمام الصادق عليهالسلام : البكّاؤون خمسة .. إلى أن قال : وأما يوسف فبكى على يعقوب حتى تأذّى به أهل السجن فقالوا له : إمّا أن تبكي الليل وتسكت بالنهار ، وإمّا أن تبكي بالنهار وتسكت بالليل ، فصالحهم على واحد منهما .. وعن الصادق عليهالسلام أيضا : جاء جبرائيل إلى يوسف عليهماالسلام وهو في السجن فقال له : يا يوسف قل في دبر كلّ صلاة : اللهم اجعل لي ـ من أمري ـ فرجا ومخرجا وارزقني من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب.
* * *
(وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٣٦) قالَ لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ