عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (٢٤) وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٢٥))
٢٤ ـ (وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ) ... أي علمنا الماضين منكم وعرفنا حالهم (وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ) أي الباقين ، أو عرفنا الأوّلين والآخرين. أو المتقدّمين في الصف الأول في الصلاة والمتأخّرين عنه ، فإن النبيّ صلىاللهعليهوآله حثّ الناس على الصلاة في الصف الأول فكان بعضهم يتقدم إليه ليدركوا فضيلته ، ولكنهم كانوا إذا ركعوا جافوا أيديهم لينظروا من تحت آباطهم إلى المرأة الحسناء تصلّي خلف رسول الله صلىاللهعليهوآله وآخرون يتخلّفون ويتأخرون ليكونوا في الصفوف الخلفية فينظروا إلى عجزها ، فنزلت الآية. وقال صلىاللهعليهوآله : إن الله وملائكته يصلّون على الصف المتقدّم ، فازدحم الناس فيه ، وكانت دور بني عذرة بعيدة عن المسجد فقالوا : لنبيعنّ دورنا ولنشترينّ دورا قريبة من المسجد حتى ندرك الصفّ المتقدّم فنزلت هذه الآية. فعلى هذا يكون المعنى أننا نجازي الناس على نيّاتهم ، فالذي يبعد عن المسجد وكان قصده إدراك فضل الصلاة في الصف الأول ولا يدركه لبعد داره فنحن نجازيه على خطواته ، بكل خطوة نكتب له حسنة فيتساوى مع المصلّي في الصف الأول في الثواب. وفي مقام الحثّ على الصلاة في الصف الأول قال صلىاللهعليهوآله : خير صفوف الرجال أولها وشرّها آخرها ، وخير صفوف النساء آخرها وشرّها أولها. فتأخرت النساء عن الرجال وفرقن عنهم بعد أن كنّ في صدر الإسلام مختلطات بالرجال.
٢٥ ـ (وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) : أي أنه سبحانه يحشر جميع الناس إليه فيجمعهم في صعيد يوم القيامة ويحاسبهم بحسب أعمالهم وبحسب علمه بهم وهو حكم في تدبيره ولا يهمل شيئا.
* * *