تعالى بعد ذكر موسى عليهالسلام وتوصيفه ببعض خصائصه ككونه من المقرّبين والمناجين ، وكجعل الوزير له ، وكونه من المخلصين ، أمر نبيّه صلىاللهعليهوآله بأن يثبت في كتابه ويذكر لقومه إسماعيل عليهالسلام ، ويعرّفهم بأنه كان من الرّسل والأنبياء ، وأنّ من خصائصه الممدوحة التي ينبغي أن يتحلّى بها الناس ويتّصفوا بها أنه (كانَ صادِقَ الْوَعْدِ) بحيث صار مشهورا ومعروفا به فعدّ من صفاته وخصائصه التي لم تندرس بتباعد الأعصار وتبدّل الدول واختلاف الملل ، وستبقى كيفية وصف الله تعالى له إلى يوم القيامة بعد أن كرّسها في القرآن الكريم ، ونعته فيه بهذا النعت الشريف. وقد أثبت علماء الأخبار وأهل السّير في تآليفهم أنه روي عن ابن عباس بأن إسماعيل عليهالسلام وعد صاحبا له بأن ينتظره في مكان ، فانتظره سنة كاملة. وفي الكافي عن الصادق عليهالسلام : إنّما سمّي صادق الوعد لأنه وعد رجلا في مكان فانتظره في ذلك المكان سنة فسمّاه الله عزوجل صادق الوعد. وقد أتاه الرجل بعد ذلك فقال له إسماعيل عليهالسلام : ما زلت منتظرا لك. وقد يراد بصدق الوعد صبره على الذّبح وذلك حين قال لأبيه عليهماالسلام : يا أبت افعل ما تؤمر ، ستجدني إن شاء الله من الصابرين ، وقد كان كذلك.
٥٥ ـ (وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ) ... إن كان المراد بالصلاة والزكاة المفروضتين ، فالمراد بالأهل هنا هو الأمّة والقوم ، وإن حمل على الصلاة والزكاة المندوبتين ، فالمراد هم أهله خاصّة ، أي من كان في داره ومن أقاربه وعشيرته. وعلى الأمرين كان يأمر بالصلاة والزكاة (وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا) في جميع أقواله وأفعاله. وإن الله تعالى لمّا أمر أنبياءه بأن يأمروا أهلهم بالصلاة والزكاة ، كأنه سبحانه أمرنا نحن بذلك وجعل وظيفتنا أمر أهلنا بهما لنفوز بالقرب منه ولنحوز رضاه عزوجل. وهذا يستفاد من الآية ببداهة ، على أن أهل الإنسان بمنزلة نفسه. وفي العلل أن الصادق عليهالسلام قال : إنّ إسماعيل الذي قال الله تعالى في كتابه : واذكر في الكتاب .. الآية ، لم يكن إسماعيل بن إبراهيم عليهماالسلام ، بل كان نبيّا