مغلظة شديدة باللّات والعزّى ، وبدينه ومذهبه بأن الله لا يبعث من يموت ، فنزلت الآية ، وأجيب (بَلى) يبعث الله الأموات ، وقد وعد بذلك (وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا) لا باطل فيه ولا خلف لأنه ثابت. وهو قسم أورده سبحانه مماشاة للخصم حتّى يقبل ، ويكون النّقاش بطريقته (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) مرّ تفسيره.
٣٩ ـ (لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ) ... الظرف متعلّق بمحذوف ، أي : يبعثهم ليظهر لهم ما يختلفون فيه من أمر البعث والحشر (وَلِيَعْلَمَ) يعرف معرفة يقينيّة (الَّذِينَ كَفَرُوا) وأنكروا ذلك ، ليعرفوا (أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ) في أيمانهم وفي عقيدتهم وعملهم.
٤٠ ـ (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ) ... أورد سبحانه هذا القول للتقريب إلى الأذهان إذ أنه تعالى لا يحتاج إلى لفظ (كُنْ) حتى يكون ما يريد ، فلو أراد شيئا لكان لمجرّد إرادته ، والبعث والنشور لا يتوقّفان إلّا على أمره الذي إذا شاءه يريده (فَيَكُونُ) يصير حسب إرادته عزّ وعلا حالا.
* * *
(وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٤١) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٤٢) وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٤٣) بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٤٤))