وَمُوسى) وأعلنوا تصديقهم بوجود الله الذي يدعو إليه موسى وهارون ، فاقشعرّت الأبدان من وقع أصواتهم حين أعلنوا إيمانهم وذعر فرعون وأتباعه لهذه المفاجأة المذهلة إذ أعلن السحرة تصديق دعوة رسولي الله تعالى فاسودّت الدّنيا بعيني فرعون وأعين الأقباط وأكابر مملكته وشرفائها لأن السحرة هم بالحقيقة علماء الأمة وكهنتها وعظماؤها في ذلك العصر وليسوا من السوقة أو من سائر الناس ، فإيمانهم يقف في وجه ادّعاء فرعون للربوبيّة وينزع عنه هالة الألوهية ، ولذا كان طعنة موجهة إليه خاصة ، وشلحة عظيمة في أمر ربوبيته وسلطانه
لا يسدّها شيء بعد هذا الاعتراف الصريح الفصيح المعلن من كهنة الأمة وعلمائها العظام ، فلم ير فرعون غير اللجوء إلى القوّة والتهديد والوعيد ليشفي غليله ممن دمّروا آماله وزعزعوا حاله وصفعوا استعلاءه واستكباره :
٧١ ـ (قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ) ... أي قال مستنكرا فعلهم : صدّقتم موسى قبل أن يطلب إعلانكم بتصديقه والإيمان بدعوته؟ وقيل : آذن بصيغة المتكلّم وهي مضارع يرجع الضمير فيه إلى فرعون ، أي آمنتم بموسى قبل إذني وإجازتي (إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ) أي أستاذكم في السحر ومعلمكم ، وهو (الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ) فأتقنتم هذا الفنّ (فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ) أي لأقطعنّ من كل واحد منكم يده اليمنى مع رجله اليسرى أو العكس (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) وسأصلب كل واحد منكم على ساق شجرة حتى يموت كمدا (وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى) وسترون من منّا القوي على تعذيب الآخر والقدرة عليه. وكان لا بد لفرعون من هذه التهديدات والتوعّدات ليظهر تجلّده أمام الآخرين مخافة أن ينقلب عامة الناس عليه دفعة واحدة وينتهي أمره ، فذكر تقطيع الأيدي والأرجل وهدّد بالصلب والتعذيب ليخاف الباقون وليبقوا مجتمعين من حوله.
٧٢ و ٧٣ ـ (قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ) ... : أي لن