منزلة وراءها ، وكلّما غاب منها واحدة طلع دقيقا ضعيفا. فهو سبحانه يدبّر أمور الكائنات كلّها من الإيجاد والإعدام ، والإغناء والإفقار.
وأما بناء على أنّ المراد بالأجل المسمى : الغاية المضروبة التي ينقطع دونها سيره ، فهو يوم القيامة الذي تكوّر الشمس فيه ، وتنكدر النجوم ، وينخسف القمر ، والله تعالى (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) أي أمور ملكه وملكوته من الإيجاد والإعدام ، والإحياء والإماتة ونحوها ، وهو (يُفَصِّلُ الْآياتِ) أي ينزلها ويبيّنها تفصيلا ، أو المراد إتيانها آية بعد آية فصلا فصلا ، مميّز بعضها عن بعض ليكون في مقام الاعتبار والتفكّر أسهل (لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) أي لتتفكّروا وتتأمّلوا فتعرفوا كمال قدرته ، وتعلموا أن من قدر على هذه الأمور العجيبة قادر على البعث والنشور.
وفي هذه الآية دلالة على وجوب النظر المؤدّي إلى معرفة الله بالاجتهاد وبطلان التقليد في أصول المعارف الحقة. ويحتمل أن يكون قوله تعالى : يفصّل الآيات ، إشارة إلى ما فصّل قبل ذلك من السورة من إنزال الكتاب ، ورفع السماوات بغير عمد ، والاستواء على العرش ، وتسخير الشمس والقمر وباقي النجوم وذكرها من باب التمثيل بأكمل الأفراد وأعظمها ، وإجرائها في منازلها ومناطقها الخاصة أو الأعم منها وفي غيرها.
٣ ـ (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ) ... لما قرّر الدلائل السماويّة أردفها بتفصيل الآيات الأرضية التي تدل على وجود صانعها وموجدها من العدم. والمراد بمدّ الأرض دحوها وبسطها طولا وعرضا لمنافع خلقه ومصالحهم (وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ) أي جبالا ثوابت جعل فيها بخصوصها منافع كثيرة لعباده كأنواع المعادن المهمّة المختلفة كالزاج والأملاح والقير والكبريت والفلزّات المختلفة الأثر كالذهب والفضة والحديد والأحجار الكريمة من نحو الفيروزج والعقيق والعسجد والزبرجد. وجعل فيها (زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) أي صنفين مختلفين : أسود وأبيض ، وحلوا وحامضا ، وصيفيّا وشتويّا .. والزّوج قد يطلق على الفرد فيقال : زوج نعل وزوج باب ، وقد يطلق على اثنين