٥٢ ـ (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ) ... أي يدعوكم من قبوركم على لسان إسرافيل عليهالسلام عند النفخة الثانية فتجيبون (بِحَمْدِهِ) حامدين له أو مطاوعين لبعثه مطاوعة الحامد له. وقال بعض المفسرين عن بعض الأعلام أن المراد بالدّعوة هنا هو البعث ، وبالاستجابة هو الانبعاث ، واستعادة لفظ الدعاء والاستجابة للبعث والانبعاث للتّنبيه على سرعة ذلك وتيسيره. فالموتى يعودون بعد الموت مشتغلين بالثناء على كمال قدرته ، وروي أنهم ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون : سبحانك اللهم وبحمدك. وعند بعض الأعلام ان الحمد هنا بمعنى الأمر كما في قوله تعالى : (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ). فالمحصّل من هذا القول أن الله سبحانه يأمركم بالخروج من المراقد إلى الموقف ، وهذا هو معنى دعوته فتجيبون بأمره أو تجيبون أمره. و (باء) بحمده زائدة لتأكيد الإجابة (وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً) أي إذا رأيتم طول ذلك اليوم تعلمون أن مكثكم في الدنيا في غاية القلة ونهاية القصر بحيث لم تكن قابلة لأن تنازعوا النبيّ وتعارضوه وترمونه بالأقوال الشنيعة والكلمات الوقيحة كالسّاحر والكاهن والمجنون وتؤذونه بتلك الأفعال التي صدرت منكم من الضرب والرّمي بالحجارة حيث اشتكى منهم وقال : ما أوذي نبيّ مثل ما أوذيت ، مع كونه أصبر الصابرين وأحلم الحلماء. ولعل الخطاب في الآية (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ) للمؤمنين فإنهم هم الذين يستجيبون لدعوة ربّهم ويحمدونه على نعمه ويرون قصر مدّة لبثّهم في البرزخ لأنهم منعمّين في قبورهم بأنواع النعيم والحظوظ. ومعلوم أن أيّام السرور مع غاية طولها تمرّ على الإنسان قليلة بخلاف أيام التعذيب والحزن فإن القصيرة منها تجيء بنظر الإنسان طويلة.
* * *
(وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا