رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦))
٣ ـ (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) ... إمّا أن يكون المراد بأحسن القصص جميع القصص التي في القرآن لأنه بما فيه قد بلغ النهاية في الفصاحة وحسن المعاني وعذوبة اللفظ وجمال العرض مع التلازم المنافي للتنافر ، ولكونه محتويا على ما يحتاج إليه البشر إلى يوم القيامة بأفصح نظم وأوضح بيان وأصرح معنى ، وإمّا أن يكون المراد به سورة يوسف وحدها لأنه سبحانه وتعالى قد قصّ ما قصّ فيها بأبدع الأساليب وأحسن وجوه العرض المبتكرة ، لأنها تشتمل على العجائب والمفاجآت والعقد القصصية والأزمات والحلول الحكيمة إلى جانب ما فيها من حكم وعبر ومواعظ ونتائج يتجلى فيها لطف الله تعالى بعباده الصالحين. وقيل إن قصة يوسف عليهالسلام لأهميّتها قد ذكرت في التوراة إلى جانب قصص أخرى ، وقد روى أبو سعيد الخدري أن بعض الصحابة قد التمسوا من سلمان الفارسي رضوان الله عليه أن يحدّثهم عمّا في التوراة من قصص عجيبة وحكايات غريبة فنزلت هذه السورة تقص حكاية يوسف (ع) وإخوته وسائر أطوار حياته بأسلوب تتوفّر فيه جميع شروط القصة التي ذكرناها وأكثر ممّا يحيط به علمنا فقال تعالى إن هذه القصة تحمل أحسن القصص. وفي كتاب الروضة عن الشيخ ركن الدين مسعود بن محمد المشهور بإمام زاده أنه بعد ذكر الوجوه والأقوال في سبب تسمية هذه السورة بأحسن القصص قال : إن وجه نزول هذه السورة ، وتسميتها بأحسن القصص ، هو التسلية لرسول الله صلىاللهعليهوآله بعد أن عرف ما يصيب سبطيه وولديه الحسن والحسين عليهماالسلام من لسان جبرائيل عليهالسلام نقلا عن الربّ الجليل ، ذلك أنه (ص) كان يوما جالسا والحسن والحسين (ع) على ركبتيه وهو يقبّل هذا مرة وهذا مرة مغتبطا بهما مستأنسا بوجودهما إذ نزل جبرائيل (ع) من عند ربّه فأخبره بما يصيبهما من الأمّة ، فبكى صلوات الله وسلامه عليه وعلى أهل بيته بكاء شديدا ، فصعد جبرائيل (ع) وهبط