بأحسن القصص من عنده تبارك وتعالى وقرأ : نحن نقص عليك أحسن القصص ، أي قصة اخوة يوسف معه (ع) تسلية له ، لأن قصة الأمة مع أهل البيت لها نظير ، لأن إخوة يوسف أبناء أنبياء وسلالة طيبّين أبرار ومع ذلك فعلوا معه ما فعلوه بدون خطيئة ارتكبها مع أحد منهم ، وبرغم توصية أبيهم يعقوب (ع) لهم به ، إلى جانب معرفتهم به وبمرتبته ومقامه العالي. فقد تجاهلوا حقه كما تتجاهل أمة محمد (ص) حق أهل بيته (ع) لأنهم لم يكونوا أهل دين ولا أهل عقل ولا شرف ، بل كان الدّين لعقا على ألسنتهم وهم حمقى جهلاء.
والحاصل أنه سبحانه قال لنبيّه الكريم (ص) : نحن نقص عليك أحسن القصص (بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ) أي بإيحائنا. وإنما دخلت الباء لبيان القصص. وما : مصدرية (وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ) أي من قبل نزول القرآن (لَمِنَ الْغافِلِينَ) يعني غافلا عن قصة يوسف (ع) وما فيها من تفصيلات وحكم ، إذ لا يخطر ببالك ولا يقرع سمعك قطّ ما دار فيها من حوادث وأحداث ورعاية ربّانية ودروس وعبر.
٤ ـ (إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ) ... أي : اذكر يا محمّد قول يوسف (ع) لأبيه يا أبت : أصله : يا أبي ، أو أصله : يا أبتا ، فحذفت الياء أو الألف ، ولكثرة استعمال هذه الكلمة عند العرب ألزموها الحذف والقلب ولذا قرئت بفتح التاء وكسرها. وقال بعض الأعلام من أهل الأدب : يوسف ، مشتقّ من الأسف بمعنى الحزن الذي هو أشدّ الهمّ. ولما كان يوسف قرين أسف وجليس حزن سمّي بذلك. ويعقوب أبوه قيل باشتقاقه من عقب ، لأنه تولّد عقب أخيه إسحاق (ع) قال تعالى : (ومن بعد إسحاق يعقوب) ، ويضعّفه منعه من الصّرف لعلميّته وعجمته ، والاشتقاق لا يلائم العجمة.
وعلى كل حال كان ليعقوب عليهالسلام أثناء عشر ولدا ذكورا ، وكان يوسف أحبّهم إليه لأنه كان محلّى بحلية الكمال والجمال ـ وقد ضرب المثل بحسنه وكما له ـ فحال صورته ينبئ عن كمال معرفته ومعنويته ، ويجلو