جمال معنويته مرآة صورته ، ولذا صار محسودا عند إخوته.
ويروى أنه كانت في صحن دار يعقوب (ع) شجرة يطلع منها غصن كلما ولد ليعقوب ولد ثم لا يزال ينمو بنموّ الولد ، فإذا وصل نموّه إلى حدّ معيّن كان يقطعه ويعطيه لصاحبه وقرينه من أولاده ليكون له عصا وقرينا في الرشد ثم يقول (ع) له : يا ولدي خذ عصاك. فلما ولد يوسف (ع) لم يطلع له غصن خاصّ به ولا نبت من الشجرة فرع حتى إذا صار في السابعة من عمره الشريف قال لأبيه : يا أبة ، أعطيت كلّ واحد من إخوتي عصا فأين عصاي؟ .. فدعا يعقوب (ع) ربّه بأمر وحي من الله سبحانه وسأله أن يعطيه عصا ليوسف. فنزل عليهالسلام بعصا من أغصان شجر الجنّة وقال : أعطها ليوسف ، فأعطاه إياها.
وفي ليلة من الليالي رأى يوسف في منامه أنه قد أولج عصاه في أرض وتبعه في هذا العمل إخوته فاخضرّت ونبتت وأورقت ونمت نموّا عاليا ، ومدّت أغصانها إلى عنان السماء حتى دخلتها ، وبقيت عصيّ إخوته على ما كانت عليه جافة يابسة. وبعد ذلك جاءت ريح عاصفة اقتلعت عصيّهم وألقتها في البحر وبقيت عصا يوسف (ع) في مكانها وعلى ما هي عليه من النّضارة والخضرة. فانتبه يوسف من نومه مذعورا خائفا وجاء أباه فقصّ عليه رؤياه ، فسرّ أبوه من هذه الرؤيا وبشّره بعلوّ مقامه ورقيّه في مدارج الرفعة والكمال والسعادة. ولمّا اطّلع إخوته على رؤياه عرفوا تعبيرها فتضاعف حسدهم له وجرّهم إلى تدبير مكيدة ليوسف بوحي من النفوس الأمّارة بالسوء.
ثم ما عتّم أن رأى الرؤيا الأخرى التي حكاها الله سبحانه بقوله عزّ من قائل : (إِنِّي رَأَيْتُ) أي في منامي ، واللفظة من الرؤيا لا من الرؤية بقرينة قول أبيه (ع) : لا تقصص رؤياك ، وقوله هو (ع) : هذا تأويل رؤياي من قبل. والفرق بينهما أن الرؤيا تكون في المنام ، والرؤية تكون في اليقظة. والأولى على قسمين : صادقة وكاذبة ، والصادقة تكون باتّصال