وسأل طعاما فما أجابه من أهل البيت أحد مع أنهم سمعوا نداءه ولم يعتنوا به. فلما يئس هذا السائل استرجع وبكى من الجوع وحمد الله عليه وصبر على ما به من جوع وذهب لسبيله وصام اليوم التالي فقضاه جوعا على جوع مع زيادة الطعام في بيت نبيّ الله يعقوب عليهالسلام ، فابتلاه الله لذلك بمفارقة ابنه العزيز يوسف ، وأوحى إليه أن استعدّ لبلائي وارض بقضائي واصبر على ما قدّر لك من المصائب ، فرأى يوسف عليهالسلام رؤياه في تلك الليلة. وقد اقتصرنا على هذه الخلاصة من هذا الحديث الطويل وذكرنا زبدة معناه.
* * *
(قالُوا يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ (١١) أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (١٢) قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ (١٣) قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ (١٤))
١١ ـ (قالُوا يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ) ... أي أن أبناء يعقوب عليهالسلام جاؤوا أباهم وقالوا : لماذا تخاف خيانتنا ولا تثق بأمانتنا على أخينا يوسف ، ولا تعتمد علينا في أمر من أموره (وَإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ) نمنحه النّصح ولا نغشّه ونخلص له ونعطف عليه ونحب له الخير. ويؤخذ من الآية الكريمة أنه (ع) كان يأبى أن يرافقهم في رحلاتهم ويحول بينه وبين أن يخلوا به. فطلبوا منه أن يستأمنهم عليه ويسمح له بمرافقتهم في الخروج إلى البرّية فقالوا :
١٢ ـ (أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ) ... أي ابعثه معنا صباح غد ـ في اليوم التالي ـ يرتع : يذهب ويجيء هانئا في لهوه وتحركاته ، يذهب يمنة