هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً (٧٢))
٧١ ـ (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) ... قيل إن الظرف متعلّق بقوله تعالى : فضّلناهم ، وقيل بأذكر المقدّر ، وقيل بقوله تعالى : يعيدكم في الآية ٦٤ وعلى كلّ اختلف في الإمام على أقوال ، ولعل الحق هو ما روي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام من أن المراد به هو من ائتمّوا به في الدّنيا من نبيّ أو وصيّ نبيّ ، أو شقيّ. وعن الصادق عليهالسلام في رواية أخرى قال : بإمامهم الذي بين أظهرهم ، وهو قائم أهل زمانه. ويكون المعنى على هذا أن ينادى يوم القيامة فيقال : تعالوا يا متّبعي إبراهيم ، هاتوا متّبعي موسى ، تعالوا يا متّبعي عيسى ، هاتوا متّبعي محمد صلىاللهعليهوآله ، فيقوم متّبعو الحق الذين اتّبعوا الأنبياء فيأخذون كتبهم بأيديهم اليمنى. ثم يقال هاتوا متّبعي الشيطان ، وتعالوا يا متّبعي رؤساء الضّلالة والغيّ فيعطوا صحائف أعمالهم بأيديهم اليسرى ، وهذا آية أنهم أهل النار فيساقون إلى جهنّم وبئس المصير ، والاوّلون إلى الجنة ونعم المصير (فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) فيفرحون ويسرّون بقراءتهم لما في الكتاب من الأعمال الحسنة ولا ينقصون من حقّهم مقدار ما في شقّ النواة من المفتول الذي فيه كالخيط بين شحم التمرة وبزرها.
٧٢ ـ (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى) ... أي أن الذي في الدّنيا أعمى البصر والبصيرة عن الآيات الدالّة على الصانع سبحانه وتعالى ، وعن الحقائق الموجودة المؤدّية به إلى الإيمان بالواحد الأحد (فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ) يوم القيامة يكون (أَعْمى) أكثر عمى (وَأَضَلُّ سَبِيلاً) باعتبار أنه قد فاتته الفرصة وزال استعداده للتعويض عمّا فرّط ، وذهبت المهلة التي كان يتمتّع بها في دار الدّنيا ، ولذلك فإنه أعمى العينين وأعمى القلب لا يهتدي إلى طريق النجاة أي طريق الجنّة.
* * *