العهد الذي واثقناه عليه (أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي) أو يقضي الله سبحانه لي بالخروج بسبب من الأسباب كخلاص أخي أو غيره ، أو كالموت أو بما يكون لنا عذرا عند أبينا أو بما شاء (وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) وقضاؤه خير قضاء لأنه خير حاكم ومقدّر. ثم قال كبيرهم هذا :
٨١ ـ (ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا) ... أمرهم قائلا : عودوا إلى والدكم وأخبروه بما شاهدتم من وقوع الحادثة وإخراج الصاع من متاع أخيكم ، وقولوا له : (إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ) أي أخذ الصاع خفية (وَما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا) أي لم نقل إلّا ما قد رأينا ، ولم نشهد إلّا بحسب ما ظهر من واقع الأمر والله أعلم بالباطن وهو الواقف على الغيب والمطّلع على السرائر ، ونحن لا ندري كيف حصل وجود الصاع في رحله (وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ) أي ما كنّا مطّلعين على ما خفي عنّا من ملابسات الأمر.
٨٢ ـ (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها) ... وقولوا لوالدنا : يا أبانا اسأل البلدة الّتي كنّا فيها في مصر وأرسل من تثق به ليسأل أهلها عن واقعة الحال وعن هذا الذي نقوله حتى تطمئنّ لشهادتنا ، أو المراد أن يسأل بعض أهل مصر من الذين صاروا إلى الناحية التي فيها أبوهم (وَ) قولوا له : ليسأل (الْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها) أي أصحاب العير : يعني القافلة التي كنّا معها من أهالي كنعان الذين هم من جيرانه (وَإِنَّا لَصادِقُونَ) ونحن صادقون في قولنا مؤكّدا.
وفعلا أخذوا برأي كبيرهم هذا ، ومضوا في سفرهم حتى وصلوا إلى أرض كنعان ، وجاؤا أباهم وقصّوا عليه ما قاله لهم أخوهم الكبير ، فما قبل منهم يعقوب عليهالسلام قولا لسوء سابقتهم لديه ، ولخيانتهم بيوسف مع معاهدتهم له بحفظه وبإرجاعه سالما بعد أن يرتع ويلعب معهم في البرّية. ولذا قال لهم :
* * *