والحال : نحن جماعة متكاتفون أقوياء ، ونحن أحقّ بالمحبة من ذينك الصغيرين اللّذين لا كفاءة فيهما ، ف ـ (إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي أنه غاب عنه كوننا أنفع له وأحرى بالتفضيل ، وهو يقدّم المفضول على الفاضل فيما بيننا ولا يعدل في المحبة.
٩ ـ (اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً) ... أي اقتلوه وأعدموه الحياة ، أو ألقوه في أرض مجهولة بعيدة عن العمران ، بدليل تنكير لفظة أرض وخلوّها من الوصف. ويقال إن الذي اقترح قتله أو تضييعه هو أخوه المدعو : شمعون ، وعلّل ذلك بقوله : اقتلوه أو أضيعوه (يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ) أي يخلص لكم رضاه وحبّه ولا يشغله حبّ يوسف وتفضيله وإيثاره (وَتَكُونُوا) تصيروا (مِنْ بَعْدِهِ) بعد القضاء على حياة يوسف أو وجوده : قتلا أو إبعادا ، تصبحوا (قَوْماً صالِحِينَ) بالتوبة عمّا فعلتم ، وعن الإمام السجاد عليهالسلام : أي تتوبون.
١٠ ـ (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ) ... قيل إن يهودا ـ أو يهوذا في بعض النسخ ـ هو الذي قال ، وكان أحسنهم رأيا. وعن الإمام الهادي عليهالسلام ، هو : لاوى. وقيل : بل هو : روبين. فهذا أو ذاك قال : (أَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِ) أي ارموه في قعر البئر الذي يغيّبه عن الأنظار وبحيث (يَلْتَقِطْهُ) أي يأخذه (بَعْضُ السَّيَّارَةِ) يعني يجده بعض المسافرين ويأخذونه ولا نكون قد ارتكبنا جريمة قتل ، فخذوا برأيي (إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) أي إذا كنتم عازمين على التفرقة بينه وبين أبيه .. فاتفقوا على هذا الرأي وألقوه في بئر.
أما البئر ففيه اختلاف إذ قيل : هو بئر بيت المقدس ، وقيل : هو في أرض الأردنّ ، وقيل : هو بين مدين ومصر ، وقيل : إنه على رأس ثلاثة فراسخ من بيت يعقوب عليهالسلام. وروى أبو حمزة الثمالي عن الإمام زين العابدين عليهالسلام أنه كانت عادة يعقوب عليهالسلام في كل يوم أن يذبح غنما ويتصدّق بلحمه ويأكل هو وعائلته منه. فاتّفق ـ ليلة جمعة ـ أن جاء سائل وقف على باب بيته وكان مؤمنا صوّاما فنادى أهل البيت