مع تلك الأبنية المتينة العالية والقلاع المشيّدة ، ثم من المطر بأحجار مخصوصة من سجّيل وعلى كيفية خاصة مباينة للأحجار المعهودة الطبيعية ، وبحيث يعرف كل حجر صاحبه ، إن ذلك كله لموجود في طريق ثابت يسلكه الناس أثناء أسفارهم في سبيل حوائجهم ويرونها قبل أن تندرس آثارها وتبتلعها الأرض وفي الآية الكريمة تذكير لقريش لأن تلك القرى تقع في طريقهم بين الحجاز والشام التي هي طريق تجارتهم ، وذلك كقوله سبحانه : (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ) وهي كذلك للتنبيه والتفكّر بعواقب الأمور.
٧٧ ـ (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) : هذه الآية الشريفة كسابقتها إلّا أن الأولى تعني أن المتوسّمين هم الأئمة الأطهار من أهل البيت عليهمالسلام كما أشرنا وكما تدل الأخبار الكثيرة ، وهذه تعني المؤمنين من قبيل ذكر العام بعد الخاص ، فهي من باب التنبيه لأهل الإيمان والتصديق. وأما الذين لا يؤمنون فإنهم ليسوا محلّا لعناية الله سبحانه لأنهم يحملون الآيات السماويّة على أحداث الطبيعة ووقائع القرانات الكوكبية والتحرّكات الفلكية ، أو من حركة الغازات الجوفية في الأرض ، أو من تكاثر الأبخرة المتولّدة من المياه المخزونة تحت الأرض ، أو من عوامل أرضية جيولوجيّة ناتجة عن استكاكات خاصة بها ، وكأن ذلك كلّه أوجده واحد آخر غير خالقنا سبحانه وتعالى.
* * *
(وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ (٧٨) فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ (٧٩))
٧٨ و ٧٩ ـ (وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ) ... أصحاب الأيكة هم قوم شعيب عليهالسلام ، والأيكة ، الأشجار الملتفّة. والمراد هنا غيضة كانوا يقيمون بها تقع بقرب مدين. وهي أجمة كثيفة من الأشجار فيها مجامع ماء ، ممّا جعل بلادهم جنائن وبساتين غنّاء ، ولذلك سمّيت أيكة وسمّوا