فيموت إبليس بين النفخة الأولى والثانية. وفسّر في بعض الروايات بيوم يبعث فيه القائم عليهالسلام وعجّل الله تعالى فرجه ، قال الصادق عليهالسلام : فإذا بعث الله قائمنا كان في مسجد الكوفة ، وجاء إبليس حتى يجثو بين يديه ـ أي يجلس على ركبتيه وأطراف أصابعه ـ على ركبتيه فيقول : يا ويله من هذا اليوم ، فيأخذ بناصيته فيضرب عنقه ، فذلك يوم الوقت المعلوم. ويؤيد هذا التفسير أن إبليس استمهل الله سبحانه وتعالى إلى يوم يبعثون أي يوم القيامة الكبرى ، ولكن الله جلّ وعزّ أجابه بأنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم لا بحسب ما طلبت واسمهلت. وقيل إن المراد هو يوم يذبحه رسول الله صلىاللهعليهوآله على الصخرة التي في بيت المقدس يعني في عهد الرجعة في بعض الروايات.
٣٩ و ٤٠ ـ (قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي) ... أي بسبب إغوائك إياي ، والإغواء هو الإضلال ، والإضلال لا تجوز نسبته إلى الله تعالى لأنه سبحانه لا يضل عن طريق الحق. وهذا يحمل على أن إبليس اعتقد الجبر كما هو مذهب الأشاعرة وغيرهم وهو ليس منه ببعيد. وقيل إن الإغواء هنا بمعنى التخييب ، أي بما خيّبتني من رحمتك وطردتني من نعمتك (لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ) لأغرينّ الناس (فِي الْأَرْضِ) وأحسّننّ لهم فعل القبائح والمعاصي ، ولأضلّنّهم (أَجْمَعِينَ) جميعهم. وسأخيّبهم كما خيّبتني من رحمتك بدعوتهم إلى معصيتك بحيث أغريهم حتى يعصوك (إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) أي ما عدا المخلصين لك في العبودية لأنك تكون أنت قد اصطفيتهم وجعلتهم أخيارا لا يعصونك. فإن لفظ (الْمُخْلَصِينَ) إذا قرئ بكسر اللام ، كان معناه أنهم أخلصوا دينهم لله تعالى ولم يجعلوا للشيطان عليهم سبيلا. وإذا قرئ بفتح اللام فمعناه الذين استخلصتهم لطاعتك وطهّرتهم من الشوائب ونزهتهم عن الشّرك والوساوس والأوهام ورجس المعاصي فهم مخلصون لا يتطرّق ريب إلى نفوسهم لا في العقيدة والإيمان ، ولا في الأقوال والأفعال ، وهم الأنبياء وأوصياؤهم وأولياء الله تعالى.