وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً (٢٩))
٢٧ ـ (وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ) ... أي اقرأ على الناس ما ننزله عليك من الوحي المكتوب في القرآن أو في اللوح المحفوظ ، دون أن تتعدّى ذلك إلى غيره لأن ربّك (لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ) لا مغيّر لها ولا صارف لها عمّا نزلت به (وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) وليس لك ملجأ ولا موئل غيره سبحانه وتعالى. ويقال : التحد إلى فلان ، بمعنى : مال إليه وأوى إلى حماه.
٢٨ ـ (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ) ... أي احبسها. و (يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) أي رضاه وطاعته (وَلا تَعْدُ عَيْناكَ) لا تجاوز عينيك عن المؤمنين إلى غيرهم من أهل الدنيا (تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا) أي مجالسة الأشراف وأصحاب الأموال الذين تزيّنوا بزينة الحياة الدّنيا ، طمعا في إيمانكم (وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) أي إفراطا وتجاوزا للحدّ ومتقدّما على الحق.
٢٩ ـ (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ) ... أي أنّ القرآن من عند ربّكم (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ) فليقبل (فَلْيَكْفُرْ) أي فليأب ، فإن له الاختيار. وهذا تهديد ووعيد بصورة الأمر ، ولذلك عقّبه بقوله (إِنَّا أَعْتَدْنا) هيّأنا (لِلظَّالِمِينَ) الكافرين الّذين ظلموا أنفسهم بعبادة غيره تعالى هيّأنا لهم (ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها) أي فسطاطها ، شبّه به النار المحيطة بهم ، أو دخانها ولهبها (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا) ... (كَالْمُهْلِ) أي القيح المختلط بالدّم من الميّت خاصّة ، أو ما هو المذاب من المعدنيّات كالنحاس. وهذا على التشبيه (يَشْوِي الْوُجُوهَ) ينضجها الحرّ إذا يدنو للشرب (بِئْسَ الشَّرابُ) أي المهل. وهذا الذّم يؤكد فرط حرارته (وَساءَتْ مُرْتَفَقاً) أي متّكأ. فان الارتفاق هو نصب المرفق تحت الخدّ ، وذكره للمقابلة والمشاكلة بقوله (وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً). وإلّا