٨٩ ـ (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ؟) ... يعني هل عرفتم أهمية فعلكم مع يوسف وكيدكم له (إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ!) حيث كنتم جاهلين مرتبته وقيمته!. وفي كتاب النبوّة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، أن يعقوب كتب إلى يوسف :
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى عزيز مصر ، ومظهر العدل ، وموفي الكيل ، من يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمان صاحب نمرود الذي جمع له النار ليحرقه بها فجعلها الله عليه بردا وسلاما وأنجاه منها :
أخبرك أيها العزيز أنّا أهل بيت لم يزل البلاء علينا سريعا من الله ليبلونا عند السرّاء والضرّاء. وإن المصائب تتابعت عليّ سنين متطاولة. أولها : كان لي ابن سمّيته يوسف وكان سروري من بين ولدي ، وقرّة عيني ، وإن إخوته من غير أمه سألوني أن أبعثه معهم يرتع ويلعب ، فبعثته معهم بكرة فجاؤا عشاء يبكون وجاؤا على قميصه بدم كذب وزعموا أن الذئب أكله ، فاشتدّ لفقده حزني وكثر عن فراقه بكائي حتى ابيضّت عيناي من الحزن. وإنه كان له أخ ، وكنت به معجبا ، وكان لي أنيسا ، وكنت إذا ذكرت يوسف ضممته إلى صدري سكن بعض وجدي. وإن إخوته ذكروا لي أنك سألتهم عنه وأمرتهم أن يأتوك به فإن لم يأتوك به منعتهم الميرة ، وبعثته معهم ليمتاروا لنا قمحا ، فرجعوا إليّ وليس هو معهم وذكروا أنه سرق مكيال الملك. ونحن أهل بيت لا نسرق ، وقد حبسته عني وقد اشتدّ لفراقه حزني حتى تقوّس ظهري ، لذلك فمنّ عليّ بتخلية سبيله وإطلاقه من حبسك ، وطيّب لنا القمح ، واسمح لنا في العسر. وأوف لنا الكيل ، وعجّل سراح آل إبراهيم.
قال عليهالسلام : فمضوا بكتابه حتى دخلوا على يوسف في دار الملك وقدّموا الكتاب إلى الملك. فأخذ الملك ـ أي يوسف ـ الكتاب وقبّله ووضعه على عينيه وبكى وانتحب حتى بلّت دموعه القميص الذي كان عليه ، ثم