٤٧ ـ (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ) ... أي حال كونهم خائفين مترقّبين ومتوقّعين العذاب (فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) حيث أمهلهم ولا يعاجلهم بالعقوبة ليتوبوا ويرجعوا عمّا هم عليه والحاصل أن الله تعالى حذّر قريشا في كتابه الكريم بما ذكر من الأمور الأربعة التي فعلها بالظّلمة وقد قال السجاد عليهالسلام : والله لقد وعظكم الله في كتابه بغيركم فان السعيد من وعظ بغيره.
٤٨ ـ (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ) : أي أولم ينظروا إلى أشياء خلقها الله لها ظلال من شجر وجبل وبناء ونحوها من الأجسام (يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ) يتمايل ظلّه والفيء الذي يترامى منه (عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ) من موضع إلى موضع على حسب حركة ذي الظل أو الشمس (سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ) أي مستسلمين له منقادين مسخّرين ، صاغرين أذلّاء وبعبارة أخرى سجود الظل دورانه وإطاعته لذي الظل من جانب إلى جانب ، وإفراد بعض الألفاظ وجمع بعضها باعتبار اللفظ والمعنى ، فإن قيل إن الظلال ليست من العقلاء فكيف جاز جمعها بالواو والنّون؟ فيقال : لمّا وصفهم بالانقياد والطاعة أشبهوا العقلاء. والسّجود على قسمين : الأول على نحو الحقيقة المتعارفة كسجود الملائكة والأوادم. والثاني : بمعنى الطاعة والانقياد والتواضع ، وكلّ شيء غيرهما على حسب اللائق به. وقد صحّ عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنه قال : إن لله تعالى ملائكة في السّماء السابعة سجودا منذ خلقهم الله إلى يوم القيامة ترعد فرائصهم من مخافة الله ، لا تقطر من دموعهم قطرة إلا صارت ملكا. فإذا كان يوم القيامة رفعوا رؤوسهم وقالوا : ما عبدناك حقّ عبادتك. وقال الزاهد في تفسيره معنى الآية الشريفة هو أن الكفرة إذا لم يسجدوا لله تعالى باختيارهم فظلالهم تسجد له تعالى بالطّبع :
٤٩ ـ (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ) ... أي ينقاد ويخضع لأمره وإرادته تعالى سواء كان الانقياد إرادّيّا حتى يكون التأثير بالطّبع أو تكليفيّا حتى