بالحياء (وَفِي ذلِكُمْ) العمل الشنيع الشاق (بَلاءٌ) مصيبة عظيمة عامة شاملة لكم ، هو (مِنْ رَبِّكُمْ) قدّره عليكم ليحج به أعداءكم ، وهو (عَظِيمٌ) حمله ، صعبة معاناته.
٧ ـ (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ) ... تأذّن : أعلم ، والأذان هو الاعلام ، فقال : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ) نعمتي وأفضالي عليكم (لَأَزِيدَنَّكُمْ) لأعطيّنكم زيادة منها لأني أحب العبد الشّكور (وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ) أنكرتم نسبة نعمتي إليّ ـ وقد عبّر عن عدم الشكر بالكفر لأنّ كفران النعمة وعدم عرفان الجميل أمر منكر ، وذلك أن الكافر إنما هو منكر لله ، فهذا كفر وذاك كفر سواء بسواء ، إذ أن من لا يعرف آلاء الله وينكر فضله أشدّ كفرا ممن لا يعرفه مطلقا : جعلنا الله تعالى من عباده الشاكرين. وعن الصادق عليهالسلام في تفسير وجوه الكفر : الوجه الثالث من الكفر كفر النّعم ، واستدلّ بهذه الكريمة. وعنه عليهالسلام : ما أنعم الله على عبد بنعمة صغرت أو كبرت فقال : الحمد لله ، إلّا أدّى شكرها.
٨ ـ (وَقالَ مُوسى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) ... أي قال موسى لقومه : إذا أنكرتم وجود الله ولم تعترفوا به وبربوبيّته ووحدانيته وملكه أنتم وسائر أهل الأرض (جَمِيعاً) معكم ينكرونه ولا يعترفون به (فَإِنَّ اللهَ) سبحانه (لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ) أي مستغن عن اعترافكم ولا يضرّه جهلكم وعدم إيمانكم به لأنه مستغن بذاته عن شكركم وشكر الناس ، لأنه محمود بذاته وإن لم يحمده حامد ولم يشكره شاكر.
* * *
(أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللهُ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ