كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ (٣٢))
٣١ ـ (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ) ... أي زعزعت عن مقارّها وأزيلت عن مواضعها بقراءة القرآن عليها (أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ) أي تشقّقت وتصدّعت حتى تخرج منها أنهار وعيون (أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى) بعد إحيائهم بقراءته عليهم ، فيسمعون ويجيبون. وجواب (لَوْ) محذوف ، والتقدير : لكان هذا القرآن ، أو : لما آمنوا لفرط عنادهم. وعند البعض جوابها مقدّم وهو قوله تعالى : (وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ) وما بينهما اعتراض. أمّا تذكير قوله تعالى : (كُلِّمَ) خاصة ، فلأنّ الموتى فيها مذكّر حقيقي فغلّب جانبه ، والعلم عند الله تعالى. وقيل إن معنى الآية باختصار : أنه لو كانت الجبال تتزعزع والأرض تتصدّع ، والموتى تكلّم بكتاب من الكتب السماويّة ، لكان هذا القرآن العظيم الذي جاء بغاية الإنذار والتخويف ، كما قال سبحانه : (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ). وعن الكاظم عليهالسلام : قد ورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما تسيّر به الجبال وتقطّع به البلدان وتحيا به الموتى (بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً) إضراب عمّا تضمّنت كلمة (لَوْ) من معنى النفي الذي ربما يتوهمّ منه أنه تعالى لم يكن قادرا على إنزال القرآن أو أيّ كتاب آخر تترتّب عليه هذه الآثار المذكورة لدفع كلام المعاندين ، فقال : بل لله الأمر جميعا ، أي له تعالى القدرة الكاملة على كلّ شيء بما في ذلك إنزال الكتاب الذي تترتب عليه تلك الآثار ، ولكنّ المصلحة اقتضت عدم الإنزال لأنه أعلم بما يعمل (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا) أي : أفلم يعلموا ، وهي لغة قوم من نخع ، أو هي من باب أن اليأس عن الشيء علم بأنه لا يكون .. أفلم يعلموا أن هؤلاء المطالبين بالآية قد تصيبهم قارعة (بِما صَنَعُوا) من الكفر وسوء الأفعال؟. والقارعة هي الداهية والحادثة التي تقرعهم ، يعني تقرع قلوبهم لشدة المخافة ، وهي من أقسام المصائب في نفوسهم وأموالهم (أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ) أي القارعة. فيفزعون من أن