أَهْلِها إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٢٦) وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٧) فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (٢٨) يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ (٢٩))
٢٣ ـ (وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ) ... راود من : راد يرود يعني ذهب وآب ، وراح ورجع لطلب شيء. وهذا يعني أن المرأة التي هو في بيتها ، حاولت معه ، وطلبت منه بحيل عديدة ورغبت إليه أن يبذل لها نفسه ويواقعها (وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ) أي أقفلتها. وروي أنها كانت سبع حجر ـ غرف ـ بين كل منها أبواب تفتحها على بعضها ، فأغلقتها كلها (وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ) هيت : اسم فعل معناه هلمّ أو أقبل. وقرئت : هيّئت لك. ونسبت قراءتها إلى عليّ عليهالسلام، ومعناه : قد أعددت نفسي لك (قالَ مَعاذَ اللهِ) أي أنه يعوذ بالله ويلجأ إليه ليعصمه من أن يجيبها إلى رغبتها ، ولذا أظهر الإباء والرّفض الشديد قائلا : (إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ) والضمير في : إنه ، يحتمل فيه وجهان : إرجاعه إلى الله تعالى ، أو إرجاعه إلى عزيز مصر. ويؤيّد إرجاعه إلى العزيز ما علّلوه من امتناعه من القبيح بالتربية والإحسان في المثوى أي الإقامة وحسن المعاملة. والمربّي الظاهريّ هو العزيز لأن يوسف كان يوم شرائه له ابن سبع سنوات ، فبقي في منزله وتحت تربيته حتى بلغ أشدّه. والإحسان في المثوى هو إشارة إلى ما أوصى العزيز به زوجه حين اشتراه من إكرام مثواه وحسن تعهّده مدة إقامته معهما بأمل اتّخاذه ولدا ربما نفعهما. أمّا إذا أرجع إلى الله سبحانه فيكون إرجاعا له إلى ما يقرب منه فإن قوله : إنه ربّي ، مسبوق بقوله : معاذ الله ، وهذا من المحسّنات عند الأعلام من أهل الأدب. هذا مضافا إلى أن الله تعالى هو