رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً (٤٨) وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (٤٩))
٤٧ ـ (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ) ... أي نحرّكها من مواضعها ونقلعها قلعا ونجعلها في الجوّ كالسّحاب تسير على وجه الأرض وتصير كالعهن المنفوش كما قال تعالى في آية أخرى ، ثم تعدم (وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً) ظاهرة من تحت الجبال ليس عليها ما يسترها من جبال وغيرها ، أو مبرزة ما في بطنها (وَحَشَرْناهُمْ) جمعناهم إلى الموقف (فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) أي لم نترك أحدا إلا وقد جئنا به إلى الموقف.
٤٨ ـ (وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ) ... أي وقفوا للحساب بين يديه سبحانه (صَفًّا) مصفوفين ، فقلنا لهم بلسان الحال : (لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) أي أحضرناكم على الحالة التي أوجدناكم فيها حين خلقكم عراة ليس معكم من الأموال والأولاد شيء وها أنتم تعودون ترجعون إلينا في يوم الموعود وفي الحديث عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : يحشر الناس يوم القيامة عراة حفاة (بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً) الخطاب خاصّ بمنكر البعث فإن كلمة (بَلْ) للإضراب عن المذكور قبلها وجعله في حكم المسكوت عنه مع كونها للعطف نحو ما ذهب زيد بل عمرو ، ففي المقام كانت الخطابات القبلية لعامة البشر فخصص الخطاب في الآية الكريمة ببعضهم وجعل ما قبلها كأن لم يكن ، فلذا جيء بكلمة (بَلْ) للإشارة إلى هذه النكتة. ومعنى الشريفة : ايها المنكرون للبعث ليس الأمر كما