شيئا من هذا اللهو الذي يزعمونه ، لجعلناه من مخلوقاتنا الروحانية في السماء دون المخلوقات الجسمانية في الأرض (إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ) في حال فعلنا ذلك. وجواب الشرط هنا معلوم من جواب الشرط المتقدّم ، أي : إن كنّا فاعلين ذلك ، لفعلناه من عندنا من الملائكة. وقيل إنّ (أَنْ) هنا ، نافية. أي : ما كنّا فاعلين ذلك العمل أبدا.
١٨ ـ (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ) ... أي نرمي الباطل بالحقّ ونضربه به فيذهبه. ومن الباطل الذي يعارض الحقّ اللهو واللّعب ، فكيف نأتي بذلك ونحن ندعو المخلوقات لما هو حقّ ونمحق الباطل به فيغلبه (فَإِذا هُوَ زاهِقٌ) مضمحلّ معدوم قد انمحى وجوده (وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) والويل كلمة تهديد بالعذاب بل قيل هي واد في جهنّم شديدة العذاب ، والخطاب للكفّار ، وهو يعني أن لكم العذاب الشديد من وصف الله تعالى بما لا يجوز نسبته إليه. ولا يخفى أن هذه الآية الكريمة إضراب عن اتّخاذ اللهو واللّعب من قبل البارئ عزوجل وتنزيه لذاته المقدّسة عنهما.
١٩ و ٢٠ ـ (وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ... أي أنه سبحانه كيف يكون كما وصفتم وهو يملك جميع ما في السماوات وجميع ما في الأرض ، ولا يحتاج إلى ما أوجده من العدم بقدرته ولا إلى ما برأه كما يشاء من خليقته ، بل قام بذاته غنيّا عن مخلوقاته لا يلهو ولا يسهو ، يقدّسه من في السماوات ومن في الأرض (وَمَنْ عِنْدَهُ) من الملائكة العظام الشّداد الذين يحملون العرش ويستقلّون السماوات والأرض (لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ) بل يخضعون لعظمته ويسبّحون بحمده ويقدّسون له (وَلا يَسْتَحْسِرُونَ) أي لا يغترون ولا يملّون من تسبيحه وتنزيهه لأن تسبيحه عندهم بمنزلة الغذاء والطعام والشراب يلتذّون به ولا يملّون الإتيان به ، والمراد بالذين عنده الملائكة. وفي الإكمال عن الصادقعليهالسلام : ما من حيّ إلّا وهو ينام ، ما خلا الله وحده ، والملائكة ينامون. فقيل له : يقول اللهعزوجل :