١٢ ـ (ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ) ... أي أيقظناهم ونبّهناهم من نومتهم (لِنَعْلَمَ) لنعرف أي الحزبين : الفريقين اللّذين اختلفا في أمر أصحاب الكهف. و (أَيُ) فيه معنى الاستفهام ، ولذلك علّق فيه (لِنَعْلَمَ) فلم يعمل فيه ، وذلك كقوله تعالى : (أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها). فأيّ هنا للاستفهام فقط. والطائفتان اللتان اختلفتا فيهم كانت منهما من تنكر البعث والنشور وتكفر بهما ، ومن تؤمن به وتصدّق. فهما تكنّيان عن الفئة المؤمنة بنبيّ زمانها والفئة الكافرة به وبدعوته التي جاء بها من عند ربه.
وقيل إنه يعني ب (الْحِزْبَيْنِ) أصحاب الكهف وأنّهم لمّا استيقظوا اختلفوا في مقدار لبثهم ، وذلك قوله تعالى : (وَكَذلِكَ بَعَثْناهُمْ لِيَتَساءَلُوا بَيْنَهُمْ) ، الآية. والمعنى انه لم يزل سبحانه عالما بذلك وإنما أراد بقوله (لِنَعْلَمَ) ما تعلّق به العلم الأزلي من ظهور الأمر لهم ليزدادوا إيمانا بالنسبة إلى المؤمنين من القوم لو كان المراد بالحزبين الطائفتان : أعني من كانوا كافرين ومؤمنين. وكذا بالإضافة إلى أنفسهم إذا كان المراد من الحزبين وهم ، أي أصحاب الكهف على قول ، لتؤمن بالبعث والنشور الطائفة الكافرة وبعبارة أخرى قوله (لِنَعْلَمَ) أي ليقع علمنا الأزلي على المعلوم بعد وقوعه ، ويظهر لهم مقدار مكثهم فيؤمن المنكرون بالبعث والحشر (أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً) أحصى ، فعل ماض معناه ضبط وحفظ غاية زمان مكثهم. والأمد غاية الشيء ونهايته ، ليس بأفعل التفضيل في شيء لأنه لا يبنى عن غير الثلاثي المجرّد. وحاصل المعنى : لنعلم : أي لننظر أي الحزبين من المؤمنين والكافرين من قوم أصحاب الكهف عدّ وضبط مدّة لبثهم ، وعلم ذلك. وكأنّه وقع بينهم تنازع في مدّة لبثهم في الكهف بعد خروجهم من بينهم فبعثهم الله لتبيّن ذلك ويظهر فيدفع التنازع والترافع.
* * *