بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (١٢٥))
١٢٤ ـ (إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ) ... أي حصرنا عيدهم يوم السبت وضيّقناه عليهم بأن فرضنا تعظيمه وحرمته عليهم لاختلافهم فيما أمرهم به نبيّهم موسى ولم يسمعوا قوله. وقد أخذ النصارى يوم الأحد يوم عيدهم وعبادتهم ويمكن أن يقال ان الله تعالى ادّخر يوم الجمعة لشرافته لأمة محمد صلىاللهعليهوآله تعظيما وتكريما له (ص) (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ) يفصل (بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) ويظهر اختلافهم وتحكّمهم في الأمور التي ليست من شأنهم ، ثم إنه تعالى أمر نبيّه صلىاللهعليهوآله بدعوة البشر إلى طريق الحقّ وإرشادهم إلى الصوّاب فقال تبارك وتعالى :
١٢٥ ـ (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ) : أي نادهم إلى الإسلام (بِالْحِكْمَةِ) بالمحجة التي تثبت الحق وتزيل الشبهة (وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) اي المقالة والخطاب المقنع والقصص النافعة ، والدّعوة الأولى للخواص الذين هم طالبون للحقائق ، والثانية لعوامّ الأمّة (وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ناظرهم بالقرآن وبأحسن ما عندك من الحجج والبراهين المزيحة للشبهة والقامعة لأقوالهم التي تصدر عن جحد وعناد لكن برفق وبلين العريكة وخفض الجناح حتى يستمع الخصم مقالة الداعي. وهذه هي المجادلة الحسنة بل أحسن حيث أن تسكين لهب عناد المعاند وانطفاء نار شغب الجاحد لا يمكن إلا بهذه الكيفية ، وقيل هو أن يجادلهم على قدر ما يتحمّلونه كما جاء في الحديث ، أمرنا معاشر الأنبياء أن نتكلم مع الناس على قدر عقولهم ، وأصل الجدل هو فتل الخصم عن مذهبه بطريق الحجاج مع التحفّظ على أن يكون اللّين مقدّمة للإرشاد والهداية ، فإن ذلك ضروريّ لكل مرشد يبتغي الوصول إلى هدف معيّن مع خصم لا يقتنع برأيه ببداهة. وقد مرّ مثل