هَدانَا اللهُ) دلّنا إلى طريق الخلاص من العقاب بالنّار (لَهَدَيْناكُمْ) دللناكم على الهدى ، ولكن الطريق مسدود ، وشفاعتنا مردودة في هذا اليوم ذي الجزع والفزع ، إذ روي أنهم ينادون بالخلاص نداء البائس الحزين وينتظرون خمسمائة عام فلا يفتح عليهم باب من أبواب الفرج فيقولون : نصبر فلعلّ الصبر يعقبه فرج ، فيصبرون خمسمائة عام أخرى ، وهكذا .. فيقول المتبوعون للتابعين : (سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا) فلا الجزع يفيدنا ولا الصبر ينجينا (ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ) فليس لنا من ملجإ ولا مفرّ ولا مهرب من العذاب.
٢٢ ـ (وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ) ... أي قال إبليس اللعين حين فرغ من الحساب ودخل أهل الجنّة الجنّة وأهل النار النار. وعن الباقر عليهالسلام أن كلّ ما في القرآن : وقال الشيطان ، يريد الثاني. فالشيطان حينئذ يقول : (إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِ) بالجنّة (وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ) وغششتكم وأغريتكم بالكفر وبالانصراف إلى الملذّات واللهو في الدنيا (وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ) أي لم أجبركم على العمل بغشّي وكنتم تستطيعون مخالفتي ولم يكن سلطاني (إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ) وسوست إليكم (فَاسْتَجَبْتُمْ لِي) وأطعتم وسوستي وإغرائي (فَلا تَلُومُونِي) وتحمّلوني مسئولية ضلالكم ، بل اندموا (وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ) واجعلوا لومكم كلّه لأنفسكم لأنكم اتّبعتم هواكم (ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ) أي لست بمغيثكم (وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَ) فلا تفيدونني ولا أفيدكم في هذا اليوم (إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ) أي جحدت اليوم إشراككم إيّاي مع الله في الدّنيا ، وبنسبة أعمالكم إليّ (إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) ولا ينفعكم نسبة ظلمكم إليّ ، ولا ينجيكم الاعتذار من عذاب الله الشديد الذي أعدّه للظالمين.
* * *