أسلم منهم (يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) من القرآن لموافقته لكتابهم. والمراد (مِنَ الْأَحْزابِ) بقية أهل الكتاب وسائر المشركين.
وعن الباقر عليهالسلام : يفرحون بكتاب الله إذا يتلى عليهم ، وإذا تلوه تفيض أعينهم دمعا من الفزع والحزن (وَمِنَ الْأَحْزابِ) أي الذين تحزّبوا عليك بالعداوة من المشركين وكفرة أهل الكتاب (مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ) وهو ما خالف أحكامهم وشريعتهم. فقل لهؤلاء (إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ) ولا أستطيع أن أغيّر شيئا من عندي ليعجبكم ما أدعو إليه من الدّين الحق لأني رسول من عند الله (إِلَيْهِ أَدْعُوا) لا إلى غيره (وَإِلَيْهِ مَآبِ) رجوعي ورجوع الخلق أجمعين.
٣٧ ـ (وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا) ... أي كما أنزلنا على الأنبياء السابقين كتبا بلسان قومهم ، أنزلنا القرآن (حُكْماً عَرَبِيًّا) أي شريعة وأحكاما بلغة العرب من قومك ، يحكم بين النّاس ويبيّن الحق من الباطل ، وجعلناه بلغتهم ليسهل عليهم حفظة وفهمه (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ) أي سلكت طريقتهم وسرت بحسب رغباتهم من دعوتهم إلى دين آبائهم ، أو مشيت بحسب رغبة اليهود من اتّباع قبلتهم التي كنت عليها من قبل العلم بنسخها فما (لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍ) ناصر (وَلا واقٍ) دافع يردّ عنك غضبه ويحفظك من عقوبته. وهذه الآية الكريمة حسمت أطماع المشركين وثبّتت المؤمنين على ما هم عليه من الحق النازل من عند ربّهم.
* * *
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ (٣٨) يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ (٣٩) وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ