كالأشجار ومختلف النباتات والحيوانات. بل والخدم والعبيد فإن رازقهم الله جل وعلا. وجملة : ومن لستم له برازقين ، يمكن أن تكون عطف بيان على (مَعايِشَ) ولفظة (مَنْ) وضعت لتغليب العقلاء أو هي تعود على (لَكُمْ) ويراد بها العيال والخدم وغيرهم ممّن نتولّى نحن رزقهم ونقدّر لهم معيشتهم وإياكم ، فلا تحسبوا أنكم تتحمّلون رزق أحد من هؤلاء ، وهذا كقوله سبحانه : (نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ).
٢١ ـ (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ) ... أي : وما من شيء. والخزائن : جمع الخزانة بالكسر ، وهي كالمخزن اسم مكان يخزن فيه الشيء ، وخزانة كل شيء بحسبه. ويقال خزانة السلطان يعنون المكان المعدّ لجمع أمواله فيه كالذهب والفضة والمستندات الهامّة ، كما يقال خزائن ومخازن الحنطة والشعير وبقية الحبوب كما في قوله تعالى حكاية عن يوسف عليهالسلام : اجعلني على خزائن الأرض ، وخزينة الصرّاف هي صندوقه الحديدي ، وخزّ ان الحمّام مجمع حياض مائه ، فالخزائن عبارة عن مجمع كل شيء يخزن فيه لحفظه ، وحاصل قوله تعالى أنه ما من شيء من الأشياء الممكنة التي أوجدها إلّا وهي في مقدوره وإيجادها رهن بإرادته الحكيمة ، ومفاتح كلّ شيء بيده لأنه المنشئ البارئ الموجد بقول : كن ، والأمور عنده مرهونة بأوقاتها فإذا حان حينها واقتضت المصلحة إيجادها وفق علمه الحكيم لا يجلّيها لوقتها إلا هو عزّ وعلا. وقد جمع لفظ (الخزائن) مع أن إفرادها كان يفيد العموم باعتبار أن مقدوراته غير متناهية ، ولو أفرد لتوهّم تناهيها ، والخزائن التي عنده فيها ـ مع جملة ما فيها ـ أرزاق العباد ومعايشهم (وَما نُنَزِّلُهُ) أي الشيء الذي حكى سبحانه عنه لا ينزله من خزائن علمه في السماء إلى الأرض (إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) أي بمقدار ما تقتضيه الحكمة والمصلحة.
٢٢ ـ (وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ) ... موضوع الرّيح التي قد لا يعيرها الإنسان القاصر اهتمامه ، تمدّح سبحانه نفسه بإرسالها من خزائن علمه