السماوات فيذهب بشمسها وقمرها ونجومها وأنه أنشد :
فما الناس بالناس الذين عهدتهم |
|
ولا الدار بالدار التي كنت أعرف |
وثانيهما : أن الأرض تبدّل وتنشأ أرض غيرها ، والسماوات كذلك تستبدل بسواها.
ولفظة (وَالسَّماواتُ) تعني أن السماوات تبدّل غير السماوات ، وقد استغني بما هو مذكور. وعن السجّاد عليهالسلام : تبدّل الأرض ، يعني بأرض لم تكسب عليها الذنوب ، بارزة ليس عليها جبال ولا نبات كما دحاها أول مرة (وَبَرَزُوا لِلَّهِ) أي ظهروا بين يديه من قبورهم للمحاسبة أمام (الْواحِدِ) الأحد القويّ (الْقَهَّارِ) الغالب الذي لا يغلب.
٤٩ ـ (وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ) : أي في ذلك اليوم التي تبرز فيه الأشياء كلّها لله فلا تخفى عليه خافية سترى قهره للمجرمين وقدرته على المعاندين ، وعجزهم بين يديه وذلّتهم حيث يكونون (مُقَرَّنِينَ) يخرجون من قبورهم مقيّدين بسلاسل من نار قرنت أطرافهم إلى بعضها وربطت ربطا محكما ، أو شدّت أيديهم إلى أعناقهم بأصفاد : أغلال وقيود مما يوثق به المجرم والأسير من سلاسل الحديد وأمثالها. وليس هذه حالهم فقط ، بل :
٥٠ ـ (سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ) : السّرابيل : جمع السّربال ، وهو القميص ، فلباسهم من القطران الذي يطلى به الجمل الأجرب ليكتوي جربه بحدّته وحرارته ، وهو سريع الالتهاب شديد الحرارة أسود اللّون منتن الرائحة ، تطلي به جلود أهل النار لتصبح سريعة الالتهاب شديدته ، وهم إلى جانب ذلك (تَغْشى) تغطّي (وُجُوهَهُمُ النَّارُ) والوجوه أعزّ الأعضاء وأشرفها في ظاهر الجسم ثم القلب الذي هو العضو النابض بالحياة من الداخل فإنه أيضا ستلفحه النار بسعيرها لأنّها (تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ) كما قال سبحانه وتعالى في سورة الهمزة. وقد خصّ سبحانه الوجوه بالذكر لأنّ بها يتطلع الإنسان ويتوجه إلى الله يومئذ ليطلب رحمته ومغفرته