والوجوه (وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) تقديره : وآتيناك القرآن العظيم ، وصفه بالعظيم لأنه يتضمّن جميع ما يحتاج إليه من أمور الدّين والدنيا بأوجز لفظ وأحسن نظم وأتمّ معنى. ثم بشأن نزول هذه الآية الشريفة في مكة المشرّفة نقل أنه يوما من الأيام ورد على مكة الشريفة سبع قوافل من قريش تحمل المطاعم الكثيرة والملابس العديدة وغير ذلك من الأمتعة ، فنقل عن طائفة من الصّحابة أنه خطر على قلب الرّسول الأكرم (ص) بأنّ المؤمنين كانوا في ضيق وشدّة والمشركين في رحب وسعة فنزلت الآية الكريمة : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً) إلخ .. وقيل نزلت مرة أخرى في المدينة حينما رأى الصحابة نزول سبع قوافل من يهود بني قريظة وبني نضير وتمنّوا أن تكون الأموال من الأمتعة والجواهر الثمينة لهم حتى يتصدّقوا بها في سبيل الله ، فنزل أمين الوحي جبرائيل عليهالسلام بهذه الكريمة من عند ربّه الجليل ـ يعني فاتحة الكتاب ـ وذكر القرآن العظيم المشتمل على صلاح البشر في الدارين ، وأن ذلك خير لك ـ يا محمّد ـ وللمؤمنين من تلك الأمتعة الدنيويّة الزائلة.
٨٨ ـ (لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ) ... أي لا تنظر إلى ما يتمتع به هؤلاء الكفار وما يتمرّغون به من نعمة نظر طمع ورغبة في مثل حالهم إذ ترى الدنيا زاهية زاهرة لهم وقد متّعنا بذلك (أَزْواجاً مِنْهُمْ) يعني أصنافا ، والزّوج في اللغة الصّنف ، فإن ما ينعمون به هم وأهلوهم مستحقر في جانب ما آتيناك من الإسلام والقرآن (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) إذا لم يؤمنوا بالله ولم يشكروا نعمه وغرّتهم الحياة الدنيا بمباهجها وفتنتها. وقيل إن الضمير في (عَلَيْهِمْ) عائد إلى أصحابه : أي لا تحزن إذا رأيت أصحابك في ضنك وضيق عيش وفقر ، فإن ما ادّخرناه لكم من النعيم الباقي خير ممّا أعطينا الكفار من النعمة الزائلة والتراث الفاني ، فهوّن عليك (وَاخْفِضْ جَناحَكَ) تواضع لمن معك من (لِلْمُؤْمِنِينَ) وارفق بهم كي يتّبعك الناس في دينك وطريقتك المثلى ويميلون إليك.
٨٩ ـ (وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ) : أي قل للكفّار مخوفا أنا النذير : الذي