بينهم عاتبهم بقوله الذي مرّ آنفا ثم حمل على أخيه هارون يعاتبه بغضب لله عزوجل وألقى الألواح التي كتبت عليها التوراة.
* * *
(قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (٩٢) أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (٩٣) قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (٩٤))
٩٢ و ٩٣ ـ (قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا) ... أي أيّ شيء منعك يا هارون (من متابعتي) وقد رأيتهم ضلّوا وانحرفوا عن الدّين إلى عبادة العجل؟ و : لا ، هنا مزيدة في قوله : ألّا ـ أن لا ـ تتّبعني ، كما أنها مزيدة في قوله : (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ)؟ (أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي؟) يعني : هل خالفتني فيما أمرتك به؟ ولعله عليهالسلام يريد مطالبته بقوله له : اخلفني في قومي وأصلح ولا تتّبع سبيل المفسدين ، فلما أقام هارون على السكوت ولم يبالغ في منعهم ولو بقتالهم نسبه إلى عصيان أمره ، وما قنع بهذا الخطاب الشديد وما خمدت سورة الغضب عند هذا المقدار بل أخذ بلحية أخيه وذؤابتيه يجرّه فعل الغضبان بنفسه ، بل أشد ، فقال هارون سلام الله عليه :
٩٤ ـ (قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي) ... يا ابن أم : أي يا أخي من أبي وأمي ، وقد خصّ الأمّ بالذكر استعطافا وترقيقا لقلبه عند قوله لا تأخذ بلحيتي : أي لا تقبض عليها وتشدها ، ولا برأسي فتجذبني من شعري وتذلّني عند القوم ، فإنني ما خفت القتال ولا كثرة الجدال بل (إِنِّي خَشِيتُ) خفت (أَنْ تَقُولَ) بعد مجيئك إلينا : (فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ)