(١٢٤) قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً (١٢٥) قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى (١٢٦) وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقى (١٢٧))
١٢٠ ـ (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ) ... أي فهمس له الشيطان الخبيث قائلا : (يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ) أتريد أن أرشدك إلى الشجرة التي من أكل منها خلد في الجنّة فلا يموت أبدا؟ (وَ) هل أدلّك أيضا على (مُلْكٍ لا يَبْلى) ملك وسلطان لا يزول ولا ينقطع؟ فكلا من هذه الشجرة تكونا خالدين.
ويستفاد من هذه الشريفة أن الجنّة التي كان فيها آدم وحواء ما كانت جنّة الخلد التي وعد الله عباده. وإلّا فلا معنى لهذا الكلام الذي قاله لهما إبليس إذا كانا في جنّة الخلد ، إلّا في حال واحدة وهو أنه غرّهما وغشّهما بأن من لا يأكل من (شَجَرَةِ الْخُلْدِ) لا يكون من الخالدين فيها ، والله أعلم.
١٢١ ـ (فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما) ... فأكل آدم وحواء من الشجرة بإغراء إبليس اللعين ، فظهرت لهما عوراتهما فخجلا خجلا عظيما (وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) وأخذا يقطعان ورقا من شجرة الجنّة ويلصقانه بجسديهما ليتستّرا (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ) خالف أمره وما كان نبّهه إليه ودلّه عليه (فَغَوى) فضلّ ونسي أمر ربّه وترك ما ندب إليه وأرشد إليه فسمّي عاصيا ، وغوايته كانت من ناحية أنه طلب الخلد بالأكل من الشجرة فلم يحصل له ذلك ، بل وقع في خلاف مقصوده وهذا هو الضلال عن المراد.