(قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٨٣) وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (٨٤) قالُوا تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ (٨٥) قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٨٦))
٨٣ ـ (قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) ... أي أن يعقوب (ع) قال : ليس الأمر كما تقولون ، بل سوّلت يعني زيّنت لكم أنفسكم أمرا أردتموه وسهّلته لكم فقرّرتموه واجتمعتم عليه لتنفذّوه في ابني بنيامين كما صنعتم بأخيه يوسف من قبل ، وإلّا فمن أين يدري ملك مصر أن جزاء السارق الاسترقاق؟ (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) أي أن صبري صبر جميل أو : عليّ صبر جميل بحذف الخبر أو المبتدأ. فكأنّما ألقي على قلبه الشريف الصبر ، وألهم بأن حصول هذه المصيبة المؤلمة الموجعة على مصيبة كانت أعظم منها وأفجع ، علامة على قرب انتهاء محنته وغاية بليّته ، فإن العادة جرت أن المصائب إذا ازدادت ووصلت غايتها يعقبها الله سبحانه بالفرج ولذا قال (ع) : (عَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً) أي بيوسف وأخيه ويهودا الذي تخلّف في مصر حتّى يأذن له أبوه أو يحكم الله بأمره (إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ) الأدرى والأعلم بحالي وكيف تنقضي أيامي لفراقهم ، فهي أمرّ من الصبر والحنظل ، وهو (الْحَكِيمُ) الذي لم يقدّر لي ولأولادي إلا ما فيه المصلحة والحكمة والخير.
٨٤ ـ (وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ) ... أي وانصرف بوجهه