٩ و ١٠ ـ (وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى ، إِذْ رَأى ناراً) ... أي هل بلغك يا محمد قصة رسولنا موسى بن عمران عليهالسلام وما حدث له حينما خرج من مدين متجها إلى مصر ليرى أمّه فضلّ عن الطريق وتفرّقت ماشيته وحدث لامرأته الطّلق حين وصل إلى وادي طوى الذي فيه جبل الطّور ، فرأى نارا مضيئة من بعيد كانت عنده نارا كما رآها ، وكانت عند الله تعالى نورا (فَقالَ لِأَهْلِهِ) أي لزوجته ومن معها (امْكُثُوا) أقيموا مكانكم (إِنِّي آنَسْتُ ناراً) أي أبصرت نارا إبصارا لا ريب فيه ، وأنا أقصدها وأتوجّه نحوها (لَعَلِّي) متمنيا أن (آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ) أي قطعة من النار تتدفّأون بها وتستنيرون (أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً) أو لعلي أصادف عند ملك النار أناسا يهدونني طريقا إلى الناس بعد هذا الضياع في الصحراء وبعد تفرّق الماشية وحلول الطّلق الذي حصل في هذه الأزمة.
١١ و ١٢ ـ (فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ يا مُوسى : إِنِّي أَنَا رَبُّكَ) ... فلما وصل إلى المكان الذي ظنّ فيه نارا نودي : دعي من جانب الطور باسمه : يا موسى ، إني أنا ربّك وخالقك وليس النور الذي تراه نارا (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) أي انزع حذاءك الذي تنتعله في رجليك ، وامش حافيا ، وذلك أن المشي بلا خفّ ولا نعل نوع من التواضع بين يديه سبحانه وتعالى. فتواضع يا موسى بخلع نعليك (إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) أي في الوادي المطهّر المسمّى بطوى ، وهو واد في أقصى الجنوب الغربي من بلاد الشام ، أي في جنوبي غربي فلسطين.
١٣ ـ (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى) : أي قد انتجبتك للنبوّة والرسالة ، وانتقيتك من بين عبادي ، فاستمع : أصغ بكل وعيك لما يوحى : ينزل عليك من كلامي. وفي هذا الأمر بالاستماع اهتمّ سبحانه بسماع وحيه والتوجّه إليه بكل قلبه.
١٤ ـ (إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا) ... هذا ما أوحى به إليه أولا ، فقال عزّ من قائل : إنّني أنا الله ، وهذا فيض من نوري ، لا إله غيري ولا معبود