قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما ذلِكُما مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (٣٧) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ ما كانَ لَنا أَنْ نُشْرِكَ بِاللهِ مِنْ شَيْءٍ ذلِكَ مِنْ فَضْلِ اللهِ عَلَيْنا وَعَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (٣٨))
٣٦ ـ (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ) ... انتقل سبحانه إلى ما بعد دخوله السجن لأن تقرير سجنه عرف وعلم من واقع الحال ، وقال عزّ اسمه قد سجن مع يوسف (ع) اثنان في ريعان الشباب هما عبدان من عبيد الملك الرّيان ولذلك عبّر عنهما بفتيين كانا في خدمة ملك ذلك العصر وكان العزيز أميرا من قبله وأمينا على خزائن الدولة. والسجينان أحدهما ساقي الملك الذي يشرف على شرابه وسمرة ، وثانيهما طبّاخه ، وقد اتّهما أنهما كانا بصدد دسّ السمّ للملك فأمر بحبسهما واتفق أن كان ذلك مقارنا لحبس يوسف عليهالسلام ، وقد أنسا بيوسف هما وجميع أهل الحبس واستفادوا من نصائحه ومواعظه لهم بالصبر على البلاء وبالتسليم لقضاء الله تعالى ، مضافا إلى أنه كان يعبّر لهم عن رؤياهم ويفسّر أحلامهم. ولذلك (قالَ أَحَدُهُما) أي واحد من الفتيين (إِنِّي أَرانِي) أي رأيت نفسي في المنام (أَعْصِرُ خَمْراً) يعني يعصر عنبا وقد سمّاه خمرا لأنه يؤول إلى خمر بعد تعليله بطريقة خاصة ، وهذه التسمية معتادة في لسان العرب فقد حكى الأصمعيّ أنه لقي أعرابيّا معه عنب فقال له : ما معك؟ قال : خمر (وَقالَ الْآخَرُ) أي الفتى الثاني (إِنِّي أَرانِي) رأيت نفسي في المنام (أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ) يعني كأنّ فوق رأسه طبقا فيه خبز تأكل منه الطيور. ثم قالا له : (نَبِّئْنا) أخبرنا (بِتَأْوِيلِهِ) أي عبّر لنا عما قصصناه عليك ، وبيّن لنا التأويل يعني ما يؤول ويرجع إليه المعنى كما أن التعليم هو