٦٤ ـ (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ) ... أي استخفّ واستنزل أو استنهض بخفّة وسهولة (مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ) اي بدعوتك إيّاهم إلى الفساد. وعند بعض القرّاء صوت الشيطان هو الغناء والمزامير. لعل المراد من الصّوت هنا هو هذا المعنى فان التعبير عن الدّعوة بهذه اللّفظة دالّ على هذا المعنى كما لا يخفى على من تأمّل في أسرار التعابير ورموز ألفاظ القرآن (وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ) يمكن أن يكون مشتقّا من أجلب القوم أي جمعهم ، أو من جلب بمعنى ساق ، أو من أجلب على الفرس أي صاح عليه بشدة وخشونة والظاهر أن المراد هو الأخير بقرينة «على» الجارة ولأن الثاني متعدّ بنفسه. أي صح على ولد آدم بخشونة وانزعاج بفرسانك وراجليك حتى تستأصلهم (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ) المكتسبة من الحرام (وَالْأَوْلادِ) المتولّدين من الزّنى (وَعِدْهُمْ) بالأمور الباطلة كنفي البعث وشفاعة الآلهة وتأخير التوبة لطول الآمال (وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً) أي تزيين الخطأ بما يوهم أنه صواب ، فهو يعدهم بالغش.
٦٥ ـ (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) : أي المؤمنين المخلصين بقرينة الإضافة التشريفية وهي الإضافة إلى ذاته المقدسة ، ولقوله : إلّا عبادك منهم المخلصين فهؤلاء ليس لك عليهم سلطان ، أي أنك لا تقدر أن تغويهم حيث إنّهم لا يغترّون بك ولا يسمعون قولك ولا يطيعونك فلا نفاذ لك عليهم ، و (وَكِيلاً) حافظا من الشّرك لمن التجأ إليه.
* * *
(رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (٦٦) وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً (٦٧)