وبهدايته وتوفيقه وإلهامه لأرباب الصنائع. ولا يخفى ـ كما أشرنا سابقا ـ أن صدر الآية ألفاظه منصوبة إمّا عطفا على السابق ، وإمّا بفعل مقدّر هو (خلق) بمقتضى العطف على الضّمير في قوله تعالى (خَلَقَها) وزينة مفعول مطلق محذوف ، فعله تقديره لتزيّنوا بها زينة.
٩ ـ (وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ) ... أي وعليه هداية الطريق الموصل إلى الحق كقوله تعالى : (إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى) ، والقصد هو الاستقامة والاعتدال (وَمِنْها جائِرٌ) أي ومن هذه السبيل ما هو مائل عن الاستقامة معوجّ ، وهو ممّا لا يضاف إليه سبحانه وتعالى ، وخارج عمّا أضاف إليه في قوله عز من قائل (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا)(وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ) أي أرشدكم على طريق الإلجاء ، ولكنّه ينافي التكليف. وحاصل المعنى من هذه الآيات بيان فوائد نعم الله لمعايشكم كخلق الأنعام التي ترون فوائدها الكثيرة ، وكفوائد خلق ما لا تعلمون. وقد ذكره تعالى بطريق الإجمال لأن أصنافها وأنواعها خارجة عن الإحصاء ولو خاض الإنسان في شرح عجائب أحوالها لكان التأليف يملأه القطر المسكون وكان القول فيها كالقطرة من البحر ، وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها.
* * *
(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (١٠) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (١١))
١٠ ـ (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ) ... منه شراب ومنه شجر : أي منه لشربكم ومنه للشجر ، أي لشربه وسقيه. والمراد من الشجر هو النبات (فِيهِ تُسِيمُونَ)