(اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (٢) وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ وَأَنْهاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٣) وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٤))
٢ ـ (اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) ... نحن وظاهر الآية الكريمة نرى احتمالين :
الأول : أن جملة ترونها ، مستأنفة للاستشهاد برؤيتهم السماوات مرفوعة بلا عمد ، ولو كانت لرؤيت. وبعبارة أخرى : الرؤية تدل على عدم المرئيّ ، فانتفت الرؤية بانتفاء موضوعها ولو كان لبان.
والثاني : أن الجملة صفة للعمد ، فتدل على أن لها ـ أي للسماوات ـ عمدا ولكنها غير مرئيّة لكم ، وقيل إنها عدله تعالى ، وقيل قدرته التي بها قامت السماوات والأرض وارتفعت ، واستقرّت الأرضون وانبسطت. وهذه الآية تدلّ على وجوب التصديق به تعالى وبخالقيّته لأن هذه الأجرام العظيمة بقيت ثابتة في الجو الواسع الشاسع العالي (بِغَيْرِ عَمَدٍ) ويستحيل أن يكون بقاؤها بذواتها لأن الأجسام متساوية بذواتها في الماهية ، ولو وجب حصول جسم في حيّز معيّن لوجب حصول كلّ جسم في ذلك الحيّز