١١ ـ (وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) : يعني لست وحدك الرسول الذي استهزأ به قومه ، ولا أنت بالخصوص من بين سائر الأنبياء مبتلى بالإيذاء ، ولكنهم ـ جميعا ـ كانوا مبتلين مثلك بإيذاء أقوامهم وعشائرهم. والآية الكريمة تسلية للنبيّ الأكرمصلىاللهعليهوآلهوسلم.
١٢ ـ (كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ) : أي كمثل هذه الحال التي قومك عليها ، وكما سلكنا دعوة الرّسل السابقين في قلوب أممهم المخالفة لهم ، كذلك سلكنا القرآن والذكر في قلوب المجرمين من قومك. فهم :
١٣ ـ (لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ) : أي لا يصدّقون بالقرآن كما لم يصدّق غيرهم بكتبهم وعلى هذا خلت : مضت سنة : طريقة الأوّلين الذين سبقوهم ، فهم على طريقتهم يحضون على سنّة الجهل المشؤومة من تكذيب الرّسل ، وجرت سنّة الله في إهلاك المكذّبين لرسله ، وهؤلاء مثلهم.
١٤ ـ (وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ) ... أي لو أننا فتحنا على هؤلاء المقترحين أحد أبواب السماء وقيّضنا لهم الصعود إليها (فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ) أي يصعدون طيلة يومهم ليروا عجائب قدرتنا وغرائبها وبدائعها : إذا :
١٥ ـ (لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا) ... يعني لو أصعدناهم إلى السّماء لقالوا من فرط عنادهم وتشكيكهم في الحق : إنّما سكّرت أبصارنا : أي سدّت عن الحقيقة والواقع ونحن نرى أمورا ليس لها في الخارج وجود (بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ) قد سحرنا محمّد والذي نراه غير حقيقي. وهذا ديدنهم إذ قال تعالى عنهم : (وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) ويستفاد من الحصر أنهم كانوا مصرّين على أن ما يرونه موجودات وهمية لا واقع لها ولا وجود في الحقيقة والخارج.
وبعد ذلك أخذ سبحانه في بيان أدلة وجود صانع قادر حكيم متفرّد