٥ ـ (ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها) ... أي : لا يفوت أمّة أجلها ووقت هلاكها ولا هي تتخطّاه وتتعدّاه وتنجو منه ، ولا هو يتأخر عن وقت حلوله الذي قدّر له ، بل الله سبحانه يهلك كل أمة حين تستوفي مدتها. ولفظة (مِنْ) جيء بها هنا زائدة وربما للتأكيد.
٦ ـ (وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ) ... هذا النداء كان يرد على محمد صلىاللهعليهوآله من الكفّار على سبيل الاستهزاء به. ولذا عدلوا من الخطاب إلى الغيبة ، أي أنهم كانوا يقولون : إنك يا محمد ليست لك قابلية المخاطبة معنا ، وهو الذي نزّل عليه الذّكر ـ أي القرآن ـ فقالوا له : (إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ) فقد انتهت الآية الكريمة بأن خاطبوه ليبلّغوا رأيهم فيه ، لأنه إذا لم يخاطبوه برأيهم لحصل خلاف مقصودهم ، مضافا إلى أن مقام الشتم كان الخطاب آكد وأشدّ في أذى المشتوم. وإن قيل لم نسبوه إلى الجنون في هذه الآية الكريمة؟ فالجواب يحتمل وجهين : الأول أنه كان صلىاللهعليهوآله يظهر عليه عند نزول الوحي حالة شبيهة بالغشية فزعموا أنها حالة جنون ، والثاني أنهم كانوا يستنكرون ذمّة للأصنام وأمره بترك عبادتها لأنها لا تليق بالعبادة ، فكان تسفيهه لهم ولعبادتهم ومعبوداتهم يثير حفائظهم فيرمونه بالجنون معتبرين أن من ينكر قيمة تلك الأصنام يكون مجنونا ، والله أعلم.
٧ ـ (لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) : لو ما ، ولو لا ، وهلّا ، بمعنى واحد وهي كلّها للتحريض ، وهي تعني أن الكفار والمشركين قالوا للنبيّ صلىاللهعليهوآله : هلّا جئتنا بالملائكة من السماء ليشهدوا بصدق نبوّتك ودعوتك إذا كنت من الصادقين في الدعوة والنبوّة؟ فأجاب سبحانه بقوله :
٨ ـ (ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِ) ... أي لا نرسل الملائكة من السماء إلى الأرض إلا على حسب موازين الحكمة والمصلحة ، ولا ننزلهم لمجرّد الطّلب (وَما كانُوا) يعني أن الكافرين ما كانوا (إِذاً) في واقع الحال