إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً (٨٤) فَأَتْبَعَ سَبَباً (٨٥) حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَها قَوْماً قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً (٨٦) قالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً (٨٧) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً (٨٨))
٨٣ ـ (وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ) ... أي يسألك يا محمد كفار المدينة ويهودها عن الروح وأصحاب الكهف والخضر (ع) وذي القرنين كما ذكرنا سابقا ، ف (قُلْ) لهم : (سَأَتْلُوا) أقرأ (عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً) أي خبرا وبيانا عن حاله. وعن النبيّ صلىاللهعليهوآله : إن ذا القرنين كان غلاما من أهل الروم ، ثم ملك وأتى مطلع الشمس ومغربها وبنى السدّ في المشرق. وعن عليّ عليهالسلام : كان ذو القرنين عبدا صالحا أحبّ الله فأحبّه ، فأمر قومه بتقوى الله فضربوه على قرنه فغاب. ثم رجع فدعاهم فضربوه على قرنه الآخر ، فبذلك سمّي ذا القرنين ، وقيل لأنه ملك فارس والروم ، أو المشرق والمغرب وهما طرفا الكرة الأرضية ، والقرن جاء بمعنى الطرف ، وذكر وجوه أخر في سبب التسمية لا فائدة من سردها.
٨٤ ـ (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ) ... أي جعلنا له فيها سلطانا وقدرة كاملة حتى استولى عليها وقام بمصالحها. فقد روي عن عليّ عليهالسلام أنه قال : سخّر الله له السحاب فحمله عليها ، ومدّ له في الأسباب ، وبسط له النور فكان الليل والنهار عليه سواء ، فهذا هو من معاني تمكينه في الأرض مضافا إلى تسهيل المسير فيها وتذليل طرقها وحزونها. فقد يسّرنا له ذلك كلّه (وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً) أي أعطيناه من كل شيء في الأرض سببا