قال : الآن تمّت النعمة. ثم إن أولاد يعقوب وصلوا وأخذوا يعتذرون ويطلبون العفو من أبيهم والمغفرة من الله :
٩٧ ـ (قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا) ... يعني اطلب من ربك أن يعفو عمّا فرّطنا بحقك وعمّا فرّطنا في يوسف ، وعما أذنبنا بالنسبة لمقام ربّنا حيث عصيناه وآذيناك وآذينا أخانا يوسف (إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ) آثمين فيما فعلناه.
٩٨ ـ (قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي) ... قد وعدهم بالاستغفار ولم يظهر من الآية الشريفة أنه عفا عنهم واستغفر لهم حالا ، إذ روي أنه أخرّ الاستغفار إلى السّحر من ليلة الجمعة ، كما روي أنه أجّله لسحر ليلته تلك. وعن الإمام الصادق عليهالسلام ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : خير وقت دعوتم الله فيه الأسحار وتلا هذه الآية في قول يعقوب : سوف أستغفر لكم ربي ، وقال (ص): أخّرهم إلى السّحر. ويحتمل قويّا أن التأخير كان لأمر آخر ، وهو أن يرى (ع) فيما إذ كان يوسف (ع) قد استغفر لهم وعفا عن حقه ورضي عنهم بعد ظلمه. وقد كان قوله هذا لهم حين أخذ يجهّز نفسه وثقله للتحرك نحو مصر للقاء ولديه.
وروي أن يوسف أعطى إخوته مائتي راحلة مع جميع ما يحتاجون إليه في السفر ، وجهّزهم للعودة بأهلهم إلى مصر ، ولذا أخذوا يتهيئون للرجوع إلى مصر بعد وصولهم إلى الرملة من أرض فلسطين ، فإن يعقوب كان مشتاقا يحنّ إلى ملاقاة يوسف من يوم ورود البشير عليه. فتأجيل الاستغفار لهم في هذه الحال محتمل مع هذه القرائن الحالية والمقامية ، ومن القريب للواقع أن يكون ذلك ، وليس هو اجتهاد في مقابل نصّ إذ على فرض صحة الروايات التي وردت في المقام ليس ما ذكرناه من الاحتمال مانعا من جمعه معها ، لأنه ليس فيها ما يستفاد منه أن السبب الوحيد في التأخير هو كون السّحر أحسن أوقات الدعاء ، فيمكن أن يكون لتوقّفه أمر آخر أيضا له مدخلية فيه أولا. وثانيا يمكن أن يكون أصل التوقف لما ذكرناه. وأما زمان الدعاء واختيار سحر الجمعة أو مطلق السّحر فأخر الاستغفار من حيث زمانه إلى