يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلاَّ غُرُوراً (٦٤) إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً (٦٥))
٦١ ـ (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ) ... مرّ تفسيرها سابقا و (طِيناً) منصوب بنزع الخافض ، أي : من طين. ولا يخفى ما فيها في تحقير إبليس اللعين للإنسان والإنسان يطيعه ويتولّاه ، فتأمّل وأنظر إليه وهو ـ بين يدي الخالق عزوجل ـ يتهدّد ذريّة آدم ويقول :
٦٢ ـ (قالَ أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَ) ... كلمة (هذَا) مفعول أول ل (رأى) والكاف للخطاب ولا محلّ لها من الإعراب وقد زيد لتأكيد الخطاب فقط (الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَ) المفعول الثاني مقدّر ، أي : أخبرني عن هذا ، الّذي فضّلته عليّ ، بالأمر بتعظيمه ، لم فضّلته عليّ؟ (لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ) أي لأقودنّهم من أحناكهم ـ والحنك أسفل الذقن ـ كما تقاد الدابّة إذا جعلت في حنكها الأسفل حبلا تقودها به والمعنى لأقودنهم بالإغواء ولأستولين عليهم ولأضعنّ حبل مكري وحيلي في أعناقهم ، لأجرّهم إلى اطاعتي ومعصيتك كما يضع صاحب الأنعام والدّواب الحبل في أعناق دوابّه ويتمكّن منهم إلى مقصده. فادّعى اللّعين هذا الأمر فجرّب بوسوسة لآدم فلم يجد له عما فعلم استنباطا أن أولاده أضعف منه أو استنبط من قول الملائكة أتجعل فيها من يفسد فيها إلخ .. أو تفرّس اللّعين من خلق البشر حيث أنه علم ركوز الشهوة والغضب في طبائعهم فعرف أن السّلطة عليهم سهلة.
٦٣ ـ (قالَ اذْهَبْ) ... هذا الأمر أمر إهانة وإبعاد ، يعني طرده تعالى عن مقام قربه ورحمته على وجه التهديد والوعيد والتخلية بينه وبين عمله المبغوض للمولى بما سوّلت له نفسه. ويستفاد منه أنه تعالى أجاب دعاءه بتأجيله و (جَزاءً مَوْفُوراً) أي مكملا تامّا غير منقوص.