الأكرم بأنهم لا يقدرون على أن يمنعوك من إنفاذ أمر الرسالة وتبليغها وإظهار ديني على الأديان كلّها كما قال في موضع آخر : والله يعصمك من الناس. وقيل معنى الشريفة أن المراد بالناس فيها أهل مكة وإحاطة الله بهم هي أنه تعالى يفتحها للمؤمنين بيد نبيّه صلّى الله عليه وعلى آله الكرام (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ) أي عيانا ليلة الإسراء أو في المنام إذ رأى بني أميّة ينزون على منبره نزو القردة فساءه ذلك واغتمّ به ولم ير بعد ذلك ضاحكا حتّى مات ، وهو المرويّ عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام. وقيل إنه صلىاللهعليهوآله رأى في المنام مصارع الكفّار في وقعة بدر وكان يقول حين ورد ماء بدر : والله لكأني انظر إلى مصارع القوم ويؤمي إلى الأرض ويقول هذا مصرع فلان وهذا مصرع فلان وقد كان كما قال وما رأى صلىاللهعليهوآله. (إِلَّا فِتْنَةً) أي امتحانا لهم (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) عطف على الرّؤيا ، وهي بنو أميّة (طُغْياناً كَبِيراً) عتوّا عظيما متجاوزا عن الحدّ. ولا يخفى ما في قوله تعالى : (فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً) من اللّطف منه بالعصاة إذ لا يأخذهم بسرعة.
* * *
(وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ قالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً (٦١) قالَ أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً (٦٢) قالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً (٦٣) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَما