هو فيه من كونه إنسانا ابنا لمريم عليهماالسلام ، بضدّ ما نعتوه به ، وهذا هو القول الذي لا ريب فيه و (الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ) أي يختلفون ويتخاصمون.
٣٥ و ٣٦ ـ (ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ) ... هذا ردّ على الطائفة من اليهود التي قالت : عزير ابن الله ، وعلى الطائفة من النصارى التي قالت : عيسى ابن الله ، وعلى الذين قالوا : الملائكة بنات الله ، وتعالى الله عمّا يقول الظالمون ، وقد زيدت كلمة (مِنْ) لتأكيد النفي (إِذا قَضى) الله (أَمْراً) وحتمه (فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) أي أنه حين يريد أمرا هو قادر على إحداثه وإيجاده ، يحدث ويوجد لمجرد الأمر بكونه ، ومن ذلك خلق عيسى عليهالسلام ، وهو تعالى منزه عن شبه الخلق وعن الحاجة لاتّخاذ الولد أو الشريك. وقد روي أن خمسة من الأطفال الصغار أنطقهم الله عزوجل قبل أوان تكلّمهم وهم : الأول شاهد يوسف ومنزّهه عمّا نسبته إليه زليخا ـ وشهد شاهد من أهلها ـ والثاني ولد مشّاطة بنت فرعون ، والثالث صاحب جريح ، والرابع عيسى عليهالسلام ، والخامس ولد امرأة أحرقها أصحاب الأخدود. وقد روى ابن عباس بشأن ولد مشّاطة بنت فرعون فقال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لمّا أسري بي إلى السماء ودخلت الجنّة استشممت رائحة طيّبة ما رأيت رائحة أطيب وأحس منها. سألت : ما هذه الرائحة الطيّبة؟ قال جبرائيل : هذه رائحة مشّاطة بنت فرعون التي آمنت بالله سرّا وكانت تخفي إيمانها عن فرعون وأتباعه. وفي يوم كانت تمشط رأس بنت فرعون فوقع المشط من يدها فأخذته وقالت : بسم الله. فسألتها بنت فرعون : أبأبي استعنت؟ قالت : بل بالله الذي خلقك وأباك وخلقني وجميع العالمين. فحكت مقالتها بنت فرعون لأبيها ، فأحضرها وسألها عن خالقها فقالت : ربّ السماوات والأرض. فأمر فرعون بأن يصنعوا حوضا من الرصاص ، وأمر بإشعال النار تحته حتى احمرّ ، فأمر بإلقاء أولادها فيه واحدا بعد واحد حتى وصلت النّوبة إلى رضيعتها فأنطقها الله وقالت : يا أمّاه اصبري فنحن على الحق. فألقوها وأمّها في الحوض المحترق