٥٧ ـ (وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ) .... يعني أنه تعالى مع جزيل عطائه في دار الدنيا ، يؤكّد أن الأجر في الآخرة أكبر وأكثر (لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) أي الذين صدّقوا به وعملوا صالحا وتجنّبوا ما نهى عنه وما يغضبه.
وفي الأثر أن يوسف عليهالسلام ، في تمام السنوات السبع المجدبة وكاملها ، وما شبع من الأطعمة. فقيل له : لماذا تجوع وفي يدك خزائن مصر؟ قال : حتى لا أنسى الجوعانين .. ولمّا حلّ القحط بأرض كنعان ـ فلسطين ـ ضاق الأمر بأولاد يعقوب فقالوا : يا أبانا إن في مصر ملك يبيع الطعام ويوفي الكيل ويكرم الفقراء وأهل الفاقة والحاجة ، فنحن نستأذنك أن نروح إليه ونأتي بطعام لأهلنا ، فأذن لهم من دون بنيامين الذي هو أخو يوسف من أبيه وأمه ، وكان أبوه يسلّي قلبه به عن فراق أخيه وقد استخلصه لنفسه دون إخوته العشرة الباقين. وهكذا بعث الإخوة العشرة من أبنائه ببضاعة يسيرة إلى مصر ، مع رفقة وجماعة خرجت إليها لتمتار القمح ، وذلك قوله عزّ من قائل :
* * *
(وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٥٨) وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ قالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (٥٩) فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ (٦٠) قالُوا سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ وَإِنَّا لَفاعِلُونَ (٦١) وَقالَ لِفِتْيانِهِ اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ فِي رِحالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَها إِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٦٢))